كأن القبة تحمي زائرها من الهيبة والذهول .. كأن الأقصى بوابة الله الى القلوب .. يجاور كنيسة الفدائي الفلسطيني الأول.. وكأن الشعب الفلسطيني هناك، ملائكة من جند الله يحرسون المكان. رأيت القدس وما نسيت فيها إلا نفسي .. عدت الى منفاي تاركا روحي على درب الآلام .. تعد خطى الغائب العائد في الطريق الى الصفصاف. هكذا رأيت القدس وراية الله اكبر في فلسطين التي لم تسمع لغاية اليوم تكبيرات قتلة الأبرياء في سورية. ففي سنة 1999 زرت فلسطين المحتلة لأول مرة في حياتي ولم تتكرر الزيارة مرة ثانية. أثناء زيارتي للقدس المحتلة، لاحظت أن الانتشار الأمني كثيف جدا في كل حارة وزقاق وشارع ..
قمت بزيارة المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة والمصلى المرواني حيث كان يخضع للترميم. وزرت أيضا المقدسات المسيحية في القدس وهي كثيرة لكن أهمها كنيسة القيامة المكان الأكثر أهمية وقداسة للمسيحيين. وكذلك درب الآلام الذي سلكه السيد المسيح ومازال شعب فلسطين يسلكه في معركته لأجل التحرير والحرية والعودة. أردت أن أزور أيضا حائط البراق الذي يطلق عليه اليهود الصهاينة المحتلين حائط المبكى، لكنني وجدت أن هناك طابورا كبيرا من الزوار من اليهود والأجانب ينتظر دوره بالدخول، بالإضافة لتعقيدات وإجراءات أمنية كثيرة، فعدت أدراجي خاصة أن الجو كان حارا جدا. لفتت انتباهي المبالغة في التدقيق والتفتيش والإجراءات من قبل الصهاينة مما يدل على أنهم يعيشون في رعب دائم. ففي كل تلك الأمكنة كانت المظاهر المسلحة الصهيونية منتشرة وموجودة .
أما الآن وبعد كل تلك السنوات التي مضت على الزيارة وعند سماعي صباح هذا اليوم لخبر إطلاق الرصاص من قبل حارس امني صهيوني على اليهودي الذي غامر وذهب بعيدا في استهتاره ومزاحه حين صرخ الله اكبر فكلفه ذلك حياته. فكلمة الله اكبر تدب الرعب في صفوف ونفوس الصهاينة وهي من أهم أعدائهم. لكن عندما يراها ويسمعها الناس في سورية مترافقة مع قطع الرؤوس ونبش الصدور ونهش قلوب وأكباد البشر تكرههم بالدين وتبعدهم عن الإسلام هذا الدين البريء مما يقوم به المجرمون.
انظروا كيف يتعامل الصهاينة في فلسطين المحتلة مع الفلسطيني فمجرد سماع صرخة الله اكبر كافية لإطلاق الرصاص على صارخها بداعي القتل وليس الإصابة. يعني لا تحذير ولا تنبيه ولا دعوة لرفع اليدين أو التسليم.. حتى لو تمت السيطرة على الشخص فهذا لا يعني أن حياته صارت في أمان، فهناك كثير من الحوادث قامت فيها الشرطة الصهيونية والوحدات الأمنية والعسكرية ووحدات المستعربين بإعدام جرحى وأسرى ومعتقلين فلسطينيين بعد أسرهم أو اعتقالهم او جرحهم.
فكلمة الله اكبر هي عقوبة الإعدام لمن يطلقها، ورأينا في الانتفاضتين الأولى والثانية كيف كانت ردة فعل الجنود الصهاينة على المتظاهرين الفلسطينيين الذين كانوا يرمون بالرصاص وهم يصرخون الله اكبر.
فهذه الصرخة هي سلاح المظلومين الذي يدب الرعب في نفوس المحتلين وبالتأكيد ليست نفس صرخة القتلة والإرهابيين الذين شوهوا ويشوهون دين الإسلام الحنيف. فهذه ليست نفس "الله اكبر" التي يُكبر القتلة والمجرمون أثناء ذبحهم ونحرهم لضحاياهم في سورية. فالله العظيم بريء مما يفعلون كما هو بريء مما يفعل أقرانهم من الصهاينة المجرمين. فالله اكبر تستخدم للذود والدفاع عن مقدساته في فلسطين المحتلة بينما في سورية تستخدم لتشويه سمعة الدين الإسلامي وإيمان المسلمين. وتستخدم من الأعداء ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
هذه الحادثة التي جرت اليوم في القدس المحتلة نموذج ومثال حي من وعلى التعامل الصهيوني الإرهابي المنظم والإجرامي المقونن مع حياة أي عربي فلسطيني مازال يحيا ويعيش في سكنه ومنزله بالقدس العربية المحتلة وفي كل فلسطين المحتلة.
أنظروا هذا الخبر الذي نشرته اليوم وسائل الإعلام نقلا عن الرواية الصهيونية الرسمية:
"" أعلنت الشرطة الصهيونية في القدس المحتلة، أن حارسا صهيونيا أطلق النار وقتل رجلا يهوديا عند حائط البراق أحد أكثر المواقع المقدسة لدى المحتلين اليهود في القدس، وإن الموقع أغلق على الفور أمام الزائرين.
وقال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم شرطة الاحتلال إن الحارس فتح النار بعد أن سمع الرجل الذي كان في استراحة مجاورة يصيح قائلاً "الله أكبر".
وأوضح روزنفيلد أن الحارس أطلق الرصاص من مسدسه لأنه اعتقد أن الرجل فلسطيني متشدد. لكن تبين أن القتيل كان "إسرائيليا" يهوديا في الأربعينات من العمر."".
هذا اليهودي الصهيوني المحتل لأرض الشعب العربي الفلسطيني لو كان يدري أن مجرد ذكر الله اكبر سوف يجيب أجله لما فعل ذلك. ولو كان يعلم ان فوهات المسدسات والبنادق مدربة كما عقول الجنود ورجال الأمن على إطلاق نيرانها مباشرة على الهدف ( العربي) وبدون سابق إنذار فقط لمجرد انه عربي او ينطق بالعربية. وكذلك كلاب الاحتلال التي تستخدم في الاعتداءات على الفلسطينيين وتدنس مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، هي أيضا مدربة بشكل عنصري أي ضد الفلسطينيين فقط لا غير.
عندما تلتقي الذئاب الآدمية بالكلاب البوليسية على دم الفلسطيني بدون تأنيب ضمير ولا عذاب، لا يهم هذا الأمر أي يهودي صهيوني جاء الى ارض اللبن والعسل، ارض الله الموعودة حسب الخرافات اليهودية الصهيونية، كي يقيم بيته على بيت الفلسطيني أو داخل البيت الفلسطيني. فهو أي هذا اليهودي يعتقد أن الله اصطفاه واختاره هو خصيصا ليكون المصطفى من بين بني البشر وهذه مجرد تهيؤات صهيونية ستنتهي بانتهاء وزوال الاحتلال. فالله لم ولا يختار المجرمين والقتلة ليكونوا مختارين ومقربين إليه. بل انتقاهم ليرسلهم الى جهنم وبؤس المصير حيث لا بد ان نهايتهم ستكون في فلسطين. ولعل فلسطين المحتلة هي جهنم التي انتظرتهم وتنتظرهم، فهناك السعير والنار والجحيم. ولن تكون إقامة أي معتد ومحتل وغاز لأرض فلسطين سوى في جهنم الفلسطينية التي أعدت لهم خصيصا.تماما كما على يبدو أعدت سورية لتكون مقبرة لمشوهي ومزيفي معنى التكبير.
* مدير موقع الصفصاف