لمراقبة المشهد بهدوء... ودون تمنيات
انتهى حكم المرشد. هذه حصيلة أولية للموجة الجديدة من الثورة المصرية. وخلفية الاحتجاجات لم تترك شيئاً هذه المرة. الاستبداد بصورته التقليدية انتهى اصلا مع حسني مبارك. والسلطة التقليدية راحت ايضا. حتى إن مؤسسات الدولة فقدت الهيبة التي تتيح لها فرض ما هو غير مرغوب. وكل التسلط والاقصاء اللذين مارسهما الاخوان لم يقدرا على منع الناس من الاحتجاج، بالتظاهر وبوسائل اخرى. وليس صحيحا ان الاخوان كانوا يمنون على الناس حرية في القول والتحرك. بل الصحيح ان مرسي هدد في خطاب العام بالتعرض لوسائل الاعلام تحت عنوان انها اخذت فرصة وصارت تهدد المصلحة العامة كما يعتقد.
لكن، ولمرة جديدة، فان الشعارات العميقة لاي ثورة، لا تتصل فقط بعناصر الحرية التقليدية. يعني ان من هلل لاعتبار الثورات هادفة الى انتزاع مساحة فردية وللافراد فقط، أوهم نفسه، وها هي الثورة المصرية المتجددة، تعيد الاعتبار الى المعاني المترابطة لاي ثورة شعبية عارمة. هي تمثل عنصر الاحتجاج على كل شيء. هي ترفض الفشل في ادارة شؤون الناس، وهي ترفض التعرض ولو بأشكال جديدة للحريات العامة والفردية، وهي ترفض اعتماد سياسات عامة لا تعيد الاعتبار الى موقع السلطة والدولة داخلياً، والى موقع مصر في الاقليم والعالمين العربي والاسلامي. والحقيقة أن الإخوان فشلوا في كل ذلك. وما انجزوه، كان عبارة عن اطاحة الالاف من الموظفين الذين كانوا يعملون مع النظام السابق، وثبتوا مكانهم موظفين من حزبهم ومن محازبيهم، ومارسوا ابشع عملية اقصاء تدل على جوع عتيق للسلطة. هم كرروا تجربة من سبقهم، لكنهم فعلوا ذلك، من دون حتى رشوة شعبهم بشيء من الكرامة، ولا بشيء من الاسترخاء، ولا شيء من التغيير الذي يرفع العبء عن الصدور.
اما لجوء حزب المرشد الى الخارج لاجل الحصول على الدعم، فبدا مرة جديدة نسخة من سلوك المستبد. توجهوا فورا الى الولايات المتحدة. هم يعتقدون ان واشنطن تقدر على حسم الامر. هل اعتقاد الاخوان هذا يعني ان واشنطن كانت خلف وصولهم الى الحكم قبل عام؟
لكن، من قال ان بمقدور الولايات المتحدة حسم الامر؟ هل الكل يستند الى المساعدة العسكرية السنوية؟ وهل فعلا هي مساعدة غير ممكن تدبيرها من الانفاق الداخلي اصلا؟ اما عدم لجوء الاخوان الى الخليج العربي الراعي للحكومات الاسلامية، فهو يفسر ان احد اسباب احتجاجات الناس في الشارع المصري، سببه التنازل المذل لحكومة المرشد عن دور مصر العربي لمصلحة هذه الدول، ومقابل ماذا؟ مقابل اتفاقات مع قطر، تبين أنها عبارة عن «ثمن» أصول تعود للشعب المصري؟ ومقابل فتات من السعودية لقاء تشريع ثقافة التكفير بين المسلمين، وتولي الادوار القذرة ضد خصوم آل سعود في كل العالم العربي والاسلامي؟ ومقابل نزر يسير من هؤلاء ثمناً للمشاركة في سفك دماء الشعب السوري بطريقة لا تشبه صورة اي وطني مصري؟
ومن سيحكم مصر؟
السؤال الابرز يتعلق بقوى المعارضة التي قادت الثورة الجديدة،
واقع هذه المعارضة، والتصلب الذي يتسم به موقف الاخوان، وطبيعة الصراع الاقليمي والدولي على موقع مصر، جعلت جميعها اي معارضة مصرية غير قادرة على انجاز تغيير شامل في بلد كمصر. ما يعني ان على قوى المعارضة او اي قوة تريد اسقاط حكم، ان تستعين بالمؤسسة الام الصامدة في مصر، اي الجيش، الذي يبدو انه استوعب اكثر من غيره دروس ثورة 25 يناير، لجهة عدم ادعاء القدرة على تولي الحكم مباشرة. ولا على السماح بتكرار تجربة الاستئثار التي قادها الاخوان.
ثمة عنصر لا يحب كثيرون الاشارة اليه الان، وذلك في معرض ابعاد العناصر الخارجية عن الازمة المصرية، وهو يتعلق بالتعثر الكبير الذي يصيب مشروع الغرب وحلفائه من العرب باعادة الامساك بالعالم العربي، من خلال خطف الثورات أو احتواء الحكام الجدد، او تهديد المتمردين بالفوضى الدموية الشاملة. وهذا العنصر يتعلق اليوم بالحرب المفتوحة في سوريا، وصلتها المباشرة بالصراع مع اسرائيل. وهذا يعني، انه يجب توقع طريقة مختلفة في مقاربة هذا الملف في الفترة المقبلة، واي مبالغة في الرهان، سوف توقع صاحبه في الخطأ القاتل.
اليوم، تدخل مصر مرحلة جديدة. سواء استقر الوضع على مرحلة انتقالية نحو اعادة تنظيم حكم البلاد، او دخل في فوضى دموية تدفع بالجيش الى الحكم المباشر والقمعي. وهذا يعني ان على الجمهور في العالم العربي، الذي يحب مصر ويخشى عليها، او الذي يريد تغييرا يناسبه في موقعه الحالي حكومة او نظاما او معارضة، على هذا الجمهور التمهل قليلا، وعدم تكرار تجربة الانجراف الكامل خلف تمنيات لا تطابق بالضرورة حسابات الشعب الثائر في مصر ومحيطها.
لكن، ولمرة جديدة، فان الشعارات العميقة لاي ثورة، لا تتصل فقط بعناصر الحرية التقليدية. يعني ان من هلل لاعتبار الثورات هادفة الى انتزاع مساحة فردية وللافراد فقط، أوهم نفسه، وها هي الثورة المصرية المتجددة، تعيد الاعتبار الى المعاني المترابطة لاي ثورة شعبية عارمة. هي تمثل عنصر الاحتجاج على كل شيء. هي ترفض الفشل في ادارة شؤون الناس، وهي ترفض التعرض ولو بأشكال جديدة للحريات العامة والفردية، وهي ترفض اعتماد سياسات عامة لا تعيد الاعتبار الى موقع السلطة والدولة داخلياً، والى موقع مصر في الاقليم والعالمين العربي والاسلامي. والحقيقة أن الإخوان فشلوا في كل ذلك. وما انجزوه، كان عبارة عن اطاحة الالاف من الموظفين الذين كانوا يعملون مع النظام السابق، وثبتوا مكانهم موظفين من حزبهم ومن محازبيهم، ومارسوا ابشع عملية اقصاء تدل على جوع عتيق للسلطة. هم كرروا تجربة من سبقهم، لكنهم فعلوا ذلك، من دون حتى رشوة شعبهم بشيء من الكرامة، ولا بشيء من الاسترخاء، ولا شيء من التغيير الذي يرفع العبء عن الصدور.
اما لجوء حزب المرشد الى الخارج لاجل الحصول على الدعم، فبدا مرة جديدة نسخة من سلوك المستبد. توجهوا فورا الى الولايات المتحدة. هم يعتقدون ان واشنطن تقدر على حسم الامر. هل اعتقاد الاخوان هذا يعني ان واشنطن كانت خلف وصولهم الى الحكم قبل عام؟
لكن، من قال ان بمقدور الولايات المتحدة حسم الامر؟ هل الكل يستند الى المساعدة العسكرية السنوية؟ وهل فعلا هي مساعدة غير ممكن تدبيرها من الانفاق الداخلي اصلا؟ اما عدم لجوء الاخوان الى الخليج العربي الراعي للحكومات الاسلامية، فهو يفسر ان احد اسباب احتجاجات الناس في الشارع المصري، سببه التنازل المذل لحكومة المرشد عن دور مصر العربي لمصلحة هذه الدول، ومقابل ماذا؟ مقابل اتفاقات مع قطر، تبين أنها عبارة عن «ثمن» أصول تعود للشعب المصري؟ ومقابل فتات من السعودية لقاء تشريع ثقافة التكفير بين المسلمين، وتولي الادوار القذرة ضد خصوم آل سعود في كل العالم العربي والاسلامي؟ ومقابل نزر يسير من هؤلاء ثمناً للمشاركة في سفك دماء الشعب السوري بطريقة لا تشبه صورة اي وطني مصري؟
ومن سيحكم مصر؟
السؤال الابرز يتعلق بقوى المعارضة التي قادت الثورة الجديدة،
واقع هذه المعارضة، والتصلب الذي يتسم به موقف الاخوان، وطبيعة الصراع الاقليمي والدولي على موقع مصر، جعلت جميعها اي معارضة مصرية غير قادرة على انجاز تغيير شامل في بلد كمصر. ما يعني ان على قوى المعارضة او اي قوة تريد اسقاط حكم، ان تستعين بالمؤسسة الام الصامدة في مصر، اي الجيش، الذي يبدو انه استوعب اكثر من غيره دروس ثورة 25 يناير، لجهة عدم ادعاء القدرة على تولي الحكم مباشرة. ولا على السماح بتكرار تجربة الاستئثار التي قادها الاخوان.
ثمة عنصر لا يحب كثيرون الاشارة اليه الان، وذلك في معرض ابعاد العناصر الخارجية عن الازمة المصرية، وهو يتعلق بالتعثر الكبير الذي يصيب مشروع الغرب وحلفائه من العرب باعادة الامساك بالعالم العربي، من خلال خطف الثورات أو احتواء الحكام الجدد، او تهديد المتمردين بالفوضى الدموية الشاملة. وهذا العنصر يتعلق اليوم بالحرب المفتوحة في سوريا، وصلتها المباشرة بالصراع مع اسرائيل. وهذا يعني، انه يجب توقع طريقة مختلفة في مقاربة هذا الملف في الفترة المقبلة، واي مبالغة في الرهان، سوف توقع صاحبه في الخطأ القاتل.
اليوم، تدخل مصر مرحلة جديدة. سواء استقر الوضع على مرحلة انتقالية نحو اعادة تنظيم حكم البلاد، او دخل في فوضى دموية تدفع بالجيش الى الحكم المباشر والقمعي. وهذا يعني ان على الجمهور في العالم العربي، الذي يحب مصر ويخشى عليها، او الذي يريد تغييرا يناسبه في موقعه الحالي حكومة او نظاما او معارضة، على هذا الجمهور التمهل قليلا، وعدم تكرار تجربة الانجراف الكامل خلف تمنيات لا تطابق بالضرورة حسابات الشعب الثائر في مصر ومحيطها.