كشفت مصادر فلسطينية في بيروت لـصحيفة «الأنباء» ان السفارة الايرانية في بيروت تحاول اصلاح الخلافات بين حزب الله و حماس خاصة أن إيران أبدت استعدادها لاعادة تمويل حماس، وذلك بعد خروج الاخوان المسلمين من السلطة في سورية. مصر
لكنّ عددًا من العقبات يمنع حصول المصالحة وأبرزها موقف حماس المناهض للنظام السوري، وتقول المصادر انه بعد معاودة الاتصالات تبين لحماس أن عليهم الوقوف إلى جانب سوريا ضد الإرهابيين على غرار الجبهة الشعبية – القيادة العامة، بقيادة احمد جبريل في حين ان قيادة حماس تجد في هذا الامر مقتلها عربيا وفلسطينيا
أعلن قيادي في حركة «حماس» عن لقاءات تفاهم مع مسؤولين من إيران وحزب الله لاستئناف العلاقات والدعم الخ. ومنذ أكثر من سنتين، هذه هي المرة الأولى التي تتقصد «حماس» فيها، الحديث عن فحوى لقاءات مع محور المقاومة، وتتباهى بالقول إنه تم إبلاغها أن طهران ما تزال تعتبرها عضوا في ذلك المحور.
هل إيران هي التي تحدّد ما إذا كانت حركة ما هي حركة مقاومة... أم نهج هذه الحركة، وطبيعة تخندقها في لوحة الصراع الوطني الاجتماعي المحتدم في بلاد العرب؟
بعد كل ما حدث منذ ربيع 2011، لم يعد الانتماء الفلسطيني وامتشاق السلاح، ولا حتى ماضي الصدام مع العدو الإسرائيلي، تشكل شروطاً كافية للقول إن هذه حركة مقاومة أم لا؛ فالطعنة التي وجّهتها حركة «حماس» إلى قلب محور المقاومة في دمشق، كانت جوهرية وعميقة وسامّة، ولا تعكس خطأ أفراد وإنما أيديولوجيا تنظيم وسيكولوجيا قيادة، ولا تعبّر عن خلافات في توصيف حدث أو تقييمه، وإنما عن خيانة صريحة لخندق المقاومة، كما للخبز والملح.
ليس معروفا عن «حماس» ـــ التي تحكم بالقوة الانقلابية وتصادر أبسط الحريات الشخصية في غزة ـــ تعلّقها بالقيم الديموقراطية، لتتخذ موقفاً من النظام السوري الذي كان دكتاتورياً أيضا طوال تلك السنوات التي استضاف فيها الحمساويين، وقدم لهم أعلى أشكال الدعم ـــ وأهمها الدعم السياسي ـــ مما حوّل «حماس» إلى قوة أساسية في الشأن الفلسطيني.
في الواقع، طعنت «حماس» دمشق، غدراً، واختارت، بصورة منهجية، خندق الحَمَدين القَطريين ـــ وهو مجرد واجهة للخندق الإسرائيلي ـــ والرجعية الخليجية والإرهاب التكفيري ورعاته الامبرياليين، في مشروع تدمير سوريا والجيش العربي السوري. وهل من يسعى إلى تدمير هذا الجيش يُعدّ أو يمكن أن يُعَدّ مقاوماً؟ واختارت «حماس»، من دون التباس، السلطان العثماني الطامع في الأرض السورية، وبايعته على احتلال أرض عربية، وتلفّعت بعلم الانتداب الفرنسي على سوريا.
هل قاتلت «حماس»، بالسلاح، ضد الجيش العربي السوري؟ ليس للإجابة على هذا السؤال، أي أهمية؛فلقد غدرت في الموقف، واصطفت في السياسة ـــ وهذا هو الأهم ـــ وأساءت وحرّضت ـــ مع المحرضين ـــ على الولوغ في الدم السوري. وهي فعلت ذلك، ليس، فقط، انطلاقا من روح مذهبية متعصّبة مريضة، وإنما، بالأساس، انطلاقا من موقف أيديولوجي رجعي اخونجي، ولد وترعرع في أحضان الاستعمار والرجعية، على أساس العداء لحركة التحرر العربية.
«حماس»، اليوم، في ورطة ماحقة؛ فهي راهنت على سقوط النظام السوري، وخاب رهانها، وراهنت على النظام الإخواني في مصر، وتورطت إلى جانبه ضد الشعب المصري، فسقط ذلك النظام، وتحوّلت فلوله إلى العنف والإرهاب، وراهنت على السلطان رجب أردوغان، فترنّح تحت ضغوط العزلة والمعارضة والأكراد، وراهنت على سياق إقليمي ودولي يسمح لها بنقل ثقلها إلى الأردن، ولكن اجماعاً وطنياً أردنياً نشأ على صدّها، خوفاً من مشروع الكونفدرالية والوطن البديل.
بالمعنى الاستراتيجي، «حماس» انتهت؛ ربطت مصيرها بمصير المشروع القطري التركي الاخواني، وسقطت بسقوطه. ولم يعد لها سوى شبكة انقاذ واحدة تتمثل في الإيرانيين وحزب الله.
إيران قوة إقليمية رئيسية أثبتت عداءها للإمبريالية والصهيونية والرجعية، كما أثبتت وفاءها للتحالف مع أصدقائها العرب، من خلال وقفتها الشجاعة والثابتة مع الجمهورية العربية السورية. وهذه الوقفة، وحدها، تمثّل أساساً متيناً لإعادة تقييم الدور الإيراني في المنطقة، وإطاراً ودياً لبحث الخلافات معها.
إيران، اليوم، حليف مركزي لحركة التحرر العربية، ولكن ذلك لا يمنحها الحق في إعادة تعويم حركة الإخوان المسلمين التي لفظتها الشعوب العربية. وطهران، بالطبع، لن تستطيع ذلك، إلا عبر حليفيها العربيين، حزب الله والنظام السوري؛ فيقوم الأول بالضغط على الثاني.
آن الأوان للكف عن سياسات تملّق قوى الاسلام السياسي السنّي؛ فالجماهير العربية السنيّة المؤمنة تتجه، اليوم، إلى موجة مدنية عروبية علمانية ـــ وليس هناك تناقض بين الإيمان الشعبي والصحوة المدنية العلمانية ــــ يكفي، لكي تدركوا ذلك ـــ أن تنظروا إلى صور الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في المظاهرات المصرية المليونية، بل أنظروا إلى المفاجأة: صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ميادين القاهرة! وأعلام سوريا في ميادين تونس... ومصر وتونس، للتذكير، بلدان «سنيّان».
العلاقة مع «حماس»، اليوم، أصبحت تسيء إلى صورة حزب الله، القادر على كسر ما يظنه «عزلة مذهبية»، فقط، بتظهير علاقاته مع الوطنيين والقوميين واليساريين، وتأكيد انفصاله عن الإخوان والسلفية.