كروز بن أوباما .. السلاح يبارز السلاح ونهاية عبارة مابعد حيفا
الثلاثاء، 27 آب، 2013
أوقات الشام
أكتب هذا المقال وأنا تحيط بي أسماء بوارج أوباما ومدمراته وضجيج محركات حاملات الطائرات .. وتصفر من حولي اجنحة صواريخ الكروز وتوماهوك وهي تطلق من أفواه المسؤولين الامريكيين .. وصار الثوار يتحدثون عن صحابي جديد اسمه كروز بن اوباما ستظهر كراماته قريبا .. أحدثكم وفي أذني فحيح الكيمياء في الغوطة وفحيح هولاند .. وبالطبع لاتتوقف السيمفونية العزيزة على قلوب الثوار وهي: حتمية العمل العسكري لضرب سورية ..
لسنا ممن يستهتر بالنباح والعواء والفحيح .. ولسنا ممن يسترخي عندما تجوع الضواري او تصاب بالجراح أو عندما تتسلق الأفاعي اشجار حديقتنا ودوالينا .. لكننا في دمشق تعلمنا من عيون معاوية الدهاء .. وفي دروس الدهاء حكمة لداهية العرب الأول معاوية بن ابي سفيان الذي كان يقول: "انني لم أدخل أمرا علمت أن ليس لي فيه مخرج" .. ونحن عندما دخلنا في خيار المواجهة والتحدي ليس لأننا متهورون بل لأننا نعرف بالضبط ماذا نفعل وأين سنصير ..ولم ندخل هذا الخيار الا لأننا نعرف أننا له وأهله .. ولوكان لدينا شك ضعيف بالنصر لخرجنا منه .. واخرجنا منه أمتنا وشعبنا .. ولكننا سنضع شعبنا ليكون الشعب الأول في المنطقة .. وسيدها بلا منازع .. ونحن لانريد لقيان المعالي رخيصة .. ونعرف أن لابد دون الشهد من ابر النحل .
ويقول عمر بن الخطاب: لست بالخبّ ولا الخبّ يخدعني .. أي لست بماكر ولكن لايستطيع الماكر ان يخدعني ..ونحن لن نقول الا ماقال عمر .. ولن يتمكن أحد من المكر بنا .. وسنستعد كما لو كانت البوارج تلقم فوهات مدافعها لتطلقها الليلة ..
اعترف انني أحس بالخجل من الكتابة في شأن صار شأنا من شؤون البلهاء والأغبياء .. ففي الأمم الناضجة يكتب الكتاب عن الحقائق ويحاولون تفكيك مالايتفكك من غموض لأن من يقرأ يفتش عن الحقيقة ولأن هناك من يقرأ .. أما نحن فاننا صرنا نكتب عن الوهم والغيلان والعفاريت لأن لاحقيقة تعيش في ربيعنا .. وصرنا لضعف حيلة والثوار العقلية نكتب بابسط اللغات ..فمنذ بدايات الربيع ونحن نكتب للواهمين والنائمين وثوار الف ليلة وليلة .. وكل أيام الربيع ونحن نسكب من الحبر مايكفي ليكتشف ابليس آثامه ويعلن التوبة .. ومايجعله يعتذر على عصيانه واستعلائه .. ولكن أن تكتب لابليس افضل من ان تكتب للثوار والاسلاميين .. واقناع ابليس أسهل من اقناع مجانين الحرية والديمقراطية الدينية .. وابليس في النهاية له عقل اما هؤلاء فلاعقل لهم ..بدليل انهم بعد عامين لايزال عقلهم يصدق ثرثرة الناتو .. وأزيز الكروز من فم وزير الدفاع الامريكي ..ومن فتحة شرجه ..
يعيد الأمريكيون انتاجهم الهوليوودي مع فرقة (السبايس غيرلز) لوزراء خارجية دول بريطانيا وفرنسا .. ويثيرون المياه والزبد في البحر المتوسط وهو يتقلبون بسفنهم في مياه حماماته الدافئة كما لو كان جاكوزي السفن الاستعمارية .. وبالطبع هم في منتهى الذكاء بأن لم يرفعوا سقف تهديداتهم وجعلوا المسرحية هذه المرة أكثر قبولا وواقعية وهي انهم لايريدون اسقاط النظام بل معاقبته فقط بضربات محدودة .. ويسمونها بسيناريو كوسوفو ..وهم يحتاطون من صواريخ ياخونت والصواريخ المضادة للسفن بالابتعاد 3000 كم عن السواحل السورية فيما الياخونت لايصل مداه الا الى 300 كم ..يعني الأمل يتجدد للمجانين بان أميريكا لاتريد التورط بجنودها كما العراق وهذا صار متفهما لدى المجانين ولكنها ستهيء المسرح وتمهد التلال المرتفعة لركاب الدوشكا ليدخلوا .. سيناريو ليبي في النهاية وليس سيناريو كوسوفو .
طيب .. ممتاز .. عظيم .. رائع .. هذا المسمى سيناريو كوسوفو .. يعني ضربات بعيدة بصواريخ كروز وطائرات ستيلث ..على مراكز حيوية للصرب دون ان يتوغل غربي جندي واحد حتى يتم اعلان النصر ..ويكون ذلك اول نصر في التاريخ من دون خسارة جندي واحد ..
عظيم وممتاز ..وشيء يفتح شهية الثوار على أحلام اليقظة وهم يرون قطعات الحرس الجمهوري السوري تتآكل .. والقصر الجمهوري يتفتت وابنية الوزرات السيادية مثل الدفاع والخارجية تنهار .. وتسود الفوضى والارتباك وهنا يتدفق المقاتلون الى دمشق ..أو على الأقل يسيطرون على الجنوب السوري كاول اطار لمنطقة عازلة وحكومة مستقلة تنال الاعتراف ..
حلم جميل .. وأخاذ .. ويتمنى الثورجيون ألا يستيقظوا منه .. ويستمر الحلم وأكل اللوز والسكر اللذيذ الذي يذوب في افواههم وهم يقولون لك بأنها أولى اتفاقات بندر مع الروس .. ولكني والله أحب أن أوقظهم وأن أهزهم في فراشهم بعنف .. وان اخضهم خضة كبيرة ..قبل ان القي عليهم ماء مثلجا ليجدوا أفواههم فارغة الا من اللعاب .. هيا استيقظوا أيها المجانين ..
أين التشابه بين سيناريو سورية وسيناريو كوسوفو أيها البلهاء؟؟
صربيا حاربت وحدها وكان تعداد جيشها على الأرض لايتعدى 40 -50 الف جندي .. وكانت روسيا لاتزال في حالة نقاهة بعد الوعكة الصحية الشديدة اثر انهيار امبراطوريتها السوفييتية ..ولم يحارب أحد مع الصرب .. ولم يكن لديهم سلاح متطور ولا ردع مهم ..
في الحالة السورية من السهل جدا أن يتم اطلاق صواريخ كروز من مسافات بعيدة لتنجو القوات الضاربة من رد الفعل والعقاب .. ولكن اين تنجو القواعد الأمريكية المحيطة بنا من كل حدب وصوب في تركيا والعراق (كردستان) والاردن والسعودية والكويت وقطر .. قواعد على مرمى حجر ستتحول الى دريئة لرماة الصواريخ الباليستية وغير الباليستية .. ومنها محطات امريكية في اسرائيل ذاتها .. وفيها آلاف من الجنود الأمريكيين .. ام يعتقد الأمريكيون الظرفاء اننا سنضيع كل الوقت في البحث في البحر المتوسط عن البارجة التي تقف ترمينا من بعيد بالصواريخ دون أن تجرؤ على القدوم الى مرامينا .. ستتحول بعض القواعد والأهداف الأمريكية الى اثر بعد عين .. وبنك الأهداف السوري جاهز لانها يجب أن تكون معركة كسر العظم وفيها سنضع كل مافي جعبتنا .. وهناك قرار من حلفاء سورية بجعل بعض القواعد الأمريكية غير قابلة لاعادة التأهيل بسبب حجم الدمار الذي سيصيبها.. وشريكنا الوفي في معركة القصير (حزب الله) سيكون شريكنا في معركة (سيناريو كوسوفو) وسيأكل بنفسه "قطعة عزيزة"على قلب اسرائيل ..وحتى هذه اللحظة فان ايران ستكون في الخندق الخلفي تمارس عملية تقطيع لأوصال أميريكا في الخليج ..
أكثر من نصف مليون صاروخ منتشر من ايران الى بوابة فاطمة في جنوب لبنان .. لن تتفرج على القد المياس للبوارج الأمريكية التي تسبح في المياه ولن تتردد في النوم في فراش القواعد الأمريكية الدافئ ..ولاترى فرقا بين بارجة في البحر وبين ميناء حيفا ..ميناء حيفا الذي سيزول عن الخارطة ان وقعت المعركة ولن يمكن للسيد حسن نصر الله بعد اليوم أن يقول مابعد بعد حيفا .. لأن حيفا سيحمل نعشها ألف صاروخ ..
والروس لن يدخلوا الحرب طبعا .. وهل نحن بحاجة للرجال ؟؟ !! لكن السلاح الروسي والمجمع الصناعي العسكري الروسي سيدخل المعركة من أجل سمعة السلاح الروسي الذي تألق بيد جنود حزب الله في عام 2006 .. وسيتألق اسم السلاح الروسي من جديد في اي اشتباك محتمل .. وهنا نتذكر كلمات هنري كيسنجر للرئيس السادات عند اقناعه بايقاف الحرب في عام 73 اذ قال له: تذكر .. لن يغفر لك البنتاغون اظهارك لتفوق السلاح الروسي على الامريكي .. قالها عندما كان العالم يرى تحطم اسطورة سمعة الفانتوم التي أذلها السوريون والمصريون بصواريخ السام الروسية .. وكان العالم يرى دبابات السنتريون التي كانت لها مقابر جماعية في سيناء ..شبيهة بمقابر الميركافا في وادي الحجير اللبناني ..
هذه معركة ليست سياسية فقط وليست من أجل انابيب الغاز او لكنها أيضا حرب المجمعات العسكرية والصناعية التي ستنازل بعضها .. المجمع الصناعي العسكري الأميريكي والروسي .. حرب في أحد جوانبها اقتصادية في مجال صفقات السلاح .. ولايخفى على أحد أن هذه المعركة ان وقعت فستكون الفرصة الأخيرة للصناعات العسكرية الروسية لاسترداد سمعتها وهيبتها بعد أن تعرضت صناعتها لنكسة في حربي الخليج عندما هزمها السلاح الامريكي وذوب الدبابات العراقية ولم يتمكن العراقيون المسلحون روسيا من الحاق خسائر بالقوات الأمريكية وتهشمت المدرعات العراقية كما لو كانت رمادا بالبلوتونيوم المنضب .. وسيجد العالم عرضا مذهلا للتكنولوجيا الروسية التي صارت بيد السوريين ..وكان العرض قد بدأه حزب الله عام 2006 بصواريخ الكورنيت الروسية .. ومنذ ذلك اليوم انتعشت سمعة ومبيعات السلاح الروسي وزاد الاهتمام به في معارض السلاح العالمية .. ومعرض السلاح العالمي في دبي يعترف بذلك التحول .. والرئيس بوتين قد أغدق الكثير من ميزانية روسيا على تطوير السلاح الروسي .. وهذا بحد ذاته استثمار في السلاح وصفقات السلاح وخسارة هذه المعركة ستؤدي الى خسارات فادحة للصناعات الروسية .. وأنا حسب بعض المعلومات والاتصالات اعرف بعض الخبراء العسكريين السوريين الذين يعملون في اختصاصات فائقة الأهمية والخطورة فوجئت عندما عرفت منهم أن القيادة السورية لم تستدعهم بعد لأن اصناف السلاح الذي تم تحضيره لايزال كافيا للتعامل مع الظرف الحالي .. وأن السلاح الفائق الخطورة لايزال خارج اطار الحاجة لأن الأنواع المتاحة للمعركة (معركة كوسوفو) كافية جدا .
كل صاروخ اميريكي سيقابله صاروخ روسي يطلقه السوريون وليس الروس .. وسيرافقه صاروخ من صناعة سورية وايرانية .. سيدخل الروس بذكاء هذه الحرب بسلاحهم المتدفق واستطلاعاتهم وأقمارهم الصناعية وتقنياتهم ومستشاريهم .. هم يضخون السلاح وصور الأقمار الصناعية والخبرات الالكترونية والتكنولوجية الفائقة التعقيد .. وقرارهم هو ايقاف أميريكا بالقوة واذلال السلاح الأمريكي .. وافهامها أول دروس القرن الجديد على يد قوة اقليمية هي سورية .. وعودة السلاح الروسي لاجتياح العقود التجارية .. القرن صارت له عدة قرون وليس وحيد القرن ..
لذلك الغرب يعرف هذه الحقائق .. وسيجد مبررا لابتلاع تهديداته ..وخاصة أن مجرد الحديث عن الحرب رفع سعر براميل النفط .. اقتصاد مأزوم لايزال في فراش الحمى لايقدر على رفع اسعار النفط والدخول في الأزمات.
بالطبع لن يفهم الثورجيون الرسالة .. ولأن لهم حلوم الأطفال فسأحكي لهم حكاية ماقبل النوم كي لا يحلموا أحلاما جميلة .. وهذه الحكاية مفصلة على مقاس عقولهم من أفكار الفيلسوف بيدبا الذي لن يعرفوه .. فهم صاروا يعرفون فلسفة كروز وتوماهوك وجون ماكين وأفلام توم كروز وألعاب الأتاري .. ولم يسمع ثوار العرب بابن المقفع بل بعزمي بشارة وحمد واوغلو فيلسوف الأصفار وبابن عثيمين والقرضاوي .. وعرفوا "المقفع"سعد الحريري .. وهم من رواد الفصل السابع وحقوق الانسان .. أما فصول كليلة ودمنة والحمامة المطوقة فهذا لايسمعون عنه شيئا .. ولذلك دعونا نحكي لهم هذه الحكاية علهم في النهاية يفهمون شيئا .. ومن يعرف ثورجيا فالرجاء أن ينقل له هذه الحكاية بعد أن يتبول قبل النوم ويستلقي في فراشه:
من حكايات ابن المقفع حكاية (الأسد والحمار وابن أوى) .. وتقول القصة ياصغاري ان مرضا ألم بالأسد وأصابه بعض الوهن والهزال فسأله صديقه ابن آوى: ماشأنك ياسيد السباع تغير حالك وقل صيدك؟؟ فقال بأن لاعلاج لعلتي وضعفي الا أن آكل قلب حمار واذنيه .. فقال له ابن آوى لقد عرفت حمارا يؤتى به الى المرج ليرعى وسآتيك به لتأكل قلبه واذنيه .. فذهب ابن آوى وقال للحمار: مالي أرى بك جربا وقروحا في ظهرك؟؟ انني سآخذك الى مرج منعزل فيه عشب وفير وأتان جميلة وهي ذات حاجة الى فحل؟
فطرب الحمار لسماع سيرة العشب والأتان والحاجة للفحل فقال له في الحال: وماذا تنتظر خذني اليها؟
فسار به ابن آوى حتى بلغ الأسد الذي وثب عليه ولكنه لضعفه لم يظفر به .. فهرب الحمار ..
فقال له ابن آوى معاتبا: ماهذا الذي صنعت؟ فقال له الأسد ان اتيتني به ثانية أخبرتك وكافأتك..
فعاد ابن آوى الى الحمار الذي قال له معاتبا؟ ماهذا الذي اردته لي؟ فقال: كل خير .. ولكن الأتان وثبت عليك من شدة الحب فهربت منها.. ولو كنت صبرت ساعة لبلغت مرادك وسعدت.. فابتهج الحمار لسيرة الحب والأتان .. وسار ثانية مع ابن آوى .. وهذه المرة وثب عليه الأسد وظفر به وقتله ..
وقبل ان يلتهم الاسد قلب الحمار واذنيه قال لصديقه لقد أوصيت ان أغتسل واستحم قبل البدء بتناول دوائي فانتظرني ..وذهب ليستحم وينظف نفسه قبل الوليمة ..
فوثب ابن آوى الى قلب الحمار واذنيه فأكلهما .. آملا أن يتعفف الأسد عن بقية اللحم فيتركه كله له .. فلما عاد الأسد وجد الحمار بلا اذنين وبلا قلب ..فسال مستغربا: اين القلب والأذنان؟ فقال ابن آوى: لو كان له اذنان وقلب لما سمع مني ولما عاد الى الفخ ثانية ..
اليوم الثوار يأخذهم الثعالب وابناء آوى الى نفس الفخ وينهشون بالموت .. للمرة العشرين وفي كل مرة تسقط ثلة من حمير المعارضة في فخاخ المعارك والانتظار .. لأن ليس لها آذانا ولاعقولا ولاافئدة .. لابصر ولابصيرة ..
ينتظر الثوار سفن الناتو والصحابي الجليل كروز بن أوباما .. ولو كان لهم بصر وبصيرة لما انطلت عليهم هذه الخدعة والوعود ولما صدقوا حماس البوارج وتعرق الطائرات ..ونزق السياسيين الذين لاتحمر وجوههم الفرنسية والانكليزية غضبا الا عندما تسقط المعارضة في خيبة من خيباتها فيما أوروبة لاتعرف كيف تنقذهم الا بالصراخ والعويل وتشمير السواعد ..
فمن هو الحمار ياصغار؟؟ الحمار الأسود أوباما بأذنيه الكبيرتين الذي كل مرة يسود وجهه بالتهديد ويأتي به الثوار الى تحرير دمشق .. أم الحمير في المعارضة السورية والمسلحون الذين جاؤوا لركوب اتان النصر .. ورعي عشب السياسة .. ألا يستحق كتاب بيدبا عن كليلة ودمنة وجهد ابن المقفع أن نزيد عليه فصلا جديدا اسمه )ثورجيو الناتو وحمارهم الأسود) ..أو (كروز بن أوباما وحمير العرب(
على كل حال هذه المعركة ان وقعت فستصنع من الرئيس بشار الأسد اسطورة عالمية وهذا مالاتريده قوى الغرب .. ومن الشعب السوري رمزا من رموز التحدي .. وسيكون الجيش السوري نموذجا ستدرسه كل نظريات الحرب والجيوش في العالم ..انا شخصيا اتمنى الا تفوتنا هذه الفرصة التاريخية