صمت حزب الله
أوقات الشام
حبيب فياض
وحده «حزب الله» ما زال يلتزم الصمت إزاء العدوان الخارجي المرتقب على سوريا في وقت بدأت تقرع فيه طبول الحرب. اصدقاء دمشق واعداؤها حددوا مواقفهم مسبقاً بينما الحزب لم يعلن بعد موقفه من العدوان الغربي - الاقليمي المحتمل على حليفه السوري بقيادة الولايات المتحدة الاميركية. ولعل السؤال الذي يشغل بال المراقبين يتمحور حول موقف الحزب عملياً وردة فعله في حال ذهبت أميركا وحلفاؤها حتى النهاية في خيار الحرب على الحليف الأساسي للمقاومة.من الواضح أن صمت «حزب الله» يأتي في إطار تعزيز حال الإرباك والتردد التي تسم الموقف الاميركي. ذلك أن واشنطن تأخذ في الحسبان مواقف حلفاء دمشق كمعطى أساسي في حسم قرار الذهاب إلى الحرب. وإذا كان الموقف الإيراني قد تبلور بما يكفي من التصعيد بوجه واشنطن ومؤازرة دمشق، مقابل نأي موسكو بنفسها عن المجريات الميدانية للعدوان المرتقب، فإن موقف الحزب من هذا العدوان يبقى المعطى الاهم في المعادلة التي تحاول أميركا ارساءها على أساس القيام بضربة تحفظ لها ماء وجهها ولا تؤدي في الوقت نفسه إلى مواجهة شاملة ومفتوحة. من هنا، يستبعد أن يكشف الحزب موقفه من الحرب المتوقعة ودوره فيها قبل أن تحسم أميركا قرارها النهائي لناحية المضي فيها او التراجع عنها.غير أن منطق التحليل يساعد على استبيان موقف الحزب من العدوان المرتقب استناداً الى ثوابته ومواقفه المسبقة.أولاً، انطلاقاً من العداء القائم بين أميركا و«حزب الله»، وبناء على رؤيته للأزمة السورية بأن ثمة مؤامرة تستهدف محور المقاومة والممانعة، فمن الطبيعي أن الحزب لا يرى نفسه على ضفاف المواجهة المرتقبة بل في صلبها.ثانياً، إذا كان «حزب الله» يقاتل فعلياً الى جانب سوريا ضد الجماعات المسلحة والتكفيرية، فمن البديهي أن يكون مستعداً للقتال الى جانبها في وجه اميركا وحلفائها. واذا كانت اميركا تبرر لنفسها الدخول على خط الازمة السورية خدمة لحليفتها اسرائيل، فان من حق الحزب ان يقف الى جانب حليفته دمشق في وجه عدوته اميركا.ثالثاً، على الأرجح أن الحزب يجهز نفسه ميدانياً على أساس أنه طرف في المواجهة إلى جانب دمشق.غير أنه سيترك أمر انخراطه عملياً فيها إلى طلب من القيادة السورية، وإلى حجم المخاطر التي من الممكن أن يتعرّض لها الحليف السوري، حيث يتوقف هذا الأمر على حجم العدوان ومدته الزمنية. وذلك على غرار وقوف نظام الأسد إلى جانب المقاومة في حرب تموز عندما أبدى هذا الأخير استعداده لدخول الحرب إذا طلبت قيادة الحزب ذلك أو إذا دعت الحاجة.رابعاً، في حال تبين أن العدوان تجاوز الضربة الشكلية والمحدودة إلى عملية من الممكن أن تؤدي إلى إضعاف النظام السوري مقدمة لإسقاطه في مرحلة لاحقة، فإن الحزب، والحال هذه، لن يقف متفرجاً، كما لن يسمح بالإخلال بالتوازن القائم لمصلحة الجماعات المسلحة.خامساً، إن عنصر المفاجأة يبقى عاملاً أساسياً في خطة عمل «حزب الله» لمواجهة العدوان. حيث تبقى مروحة الخيارات أمامه مفتوحة تبعاً لقدراته السرية المتطورة أمنياً وعسكرياً، بنحو قد لا تقتصر معه ردة فعل الحزب على ضرب اسرائيل خاصرة اميركا الرخوة.يرى «حزب الله»، كما يقول العارفون، بأن مسألة العدوان الخارجي على سوريا ستكشف النقاب عن توازنات جديدة في المنطقة. وذلك سواء أحجمت اميركا عن خيارها العدواني حيث سيتبين مدى ضعفها وعجزها، أو مضت قدماً بعدوانها حيث ستكون عرضة لهزيمة غير مسبوقة هي وحليفتها إسرائيل.
السفير