خطاب الوحدة مع دمشق 1 - عبد الناصر 1958
رسالة عبد الحكيم جمال عبد الناصر إلي بشار الأسد ودلالاتها
مصر 30 يونيو- بقلم/ د.محمد أشرف البيومي
قرأت الرسالة المرفقة الذي أرسلها المهندس عبد الحكيم جمال عبد الناصر إلي الرئيس بشار الأسد والتي نشرتها مجلة الوعي العربي في 24 يناير 2014. وبالإضافة إلي الأهمية الرمزية للرسالة من أخوين عربيين تعبر بشكل واضح عن الارتباط الوثيق بين مستقبل مصر وسوريا ومصير الأمة العربية رغم مقولات قوي التفتيت والتقسيم وثقافة التجزيء والاختزال.
الرسالة:
“إلى أخى الرئيس بشار الأسد
لا يرهبك هؤلاء الخونة و هم مستقويين بالشيطان الأمريكى الأكبر
أنت الآن تمثل سوريا الوطن و جيش الجمهورية العربية السورية الذى هو هو جيش الجمهورية العربية المتحدة الأول رافعا علم الجمهورية العربية المتحدة الذى رفعه جمال عبد الناصر منذ ٥٥ عام على مصر وعلى قلب العروبة النابض دمشق
فلذلك تسلح بصلابة عبد الناصر فى ٥٦ عندما واجه بريطانيا وفرنسا و حتى رغم هزيمة ٦٧ تسلح بإيمانه بشعبه العربى و عدالة القضية العربية ضد الصهيونية فى حرب الإستنزاف حتى موافقته على مبادرة روجرز لإستكمال حائط الصواريخ لذى كان مفتاح نصرأكتوبر العظيم
. تحية لسوريا قلب العروبة النابض و لشعبها العروبى الوفى والخزي والعار لخدام النيتو تجار الدين الخونة .
الدلالات
جاءت هذه الرسالة لتعبر عن عدة دلالات وفي توقيت هام يتذكر فيه جموع المصريين وأغلبهم لم يعاصروا عبد الناصر كيف أنه انحاز في قراراته للطبقات الشعبية وأنه تبني برنامج اقتصادي طموح لبناء مصر المستقلة كما أنه تحدي قوي الهيمنة الأجنبية وحلفائهم ولم يخضع لإملاءاتهم وحافظ علي السيادة الوطنية. أذكر من هذه الدلالات مايلي:
الارتباط العضوي للأمن القومي المصري والسوري وهو من البديهيات والحقائق التاريخية والجغرافية الراسخة منذ آلاف السنين والتي لا بد من التذكير بها خصوصا وأن مصر و سوريا تواجهان إرهابا من ذات المصدر والهدف.
من البديهي أن أولوية الأولويات هي حماية الدولة الوطنية والدفاع عنها دون إهمال قضايا أخري مثل الحريات أو التنمية. أتسائل هل من الضروري التأكيد أنه بدون دولة متماسكة وقوية يندثر كل شيء، وهل تعني هذه المقولة سواء من قريب أو بعيد إهمال القضايا الأخري؟
التذكرة بالماضي المجيد عندما كان البند الأول هو القضاء وليس التعاون والتنسيق مع الاستعمار وأعوانه، وكيف أن سوريا في نضالنا المشترك فجرت أنابيب البترول عام 56 وكانت بطولة جول جمال من اللاذقية الذي تصدي لمدمرة فرنسية كانت تهدد بورسعيد تضامنا عمليا مع الشعب المصري وقيادته. كما أن جيش سوريا الوطني هو الذي حارب مع الجيش المصري في أكتوبر 73 رافعا علم الجمهورية العربية المتحدة الذي التف به عبد الناصر في حياته ومماته.
دعم القيادة السورية والشعب والدولة السورية ورفض الادعاءات الكاذبة من قوي العدوان وممولي الإرهاب بحرصهم الخادع علي الديمقراطية والحريات. إن هذا الدعم بوسائله المختلفة من قبل الدولة والشعب هو واجب قومي في مواجهة المشروع الشرق أوسطي الذي يسعي حثيثا لإضعاف الدول العربية المحورية و جعل جيوشها غير قادرة علي الدفاع عن أمن وسيادة دولها. ألم تعلن الإدارة الأمريكية أن إسرائيل هي حليفها الاستراتيجي وأنها تضمن تفوقها العسكري علي كل الدول العربية؟ ألم يعلن وولسي رئيس السي آي إيه السابق أيام الحصار الإجرامي علي العراق أن البداية بالعراق تتبعها سوريا ثم مصر التي وصفها بالجائزة الكبري؟
الحس الوطني والقومي لم يندثر بل سينهض بقوة رغم كل العقبات ورغم مقولات الليبراليين الجدد مما يسمي بالنخبة التي تتتجاهل قضايا السيادة والاستقلال الوطني( راجع الشعارات المرفوعة من “لا للتمديد ولاللتوريث” إلي “حرية،عدالةاجتماعية،عيش) أدركت الآن شرائح متسعة من المجتمع بأن سيناء لا تخضع للسيادة الكاملة وأن استقلال الإرادة المصرية وحرية صنع القرار في العديد من المسائل ليست مكتملة وأن كامب دافيد ومعاهدة “السلام” مع العدو الصهيوني وما صاحب ذلك من سياسة قوي السوق الاقتصادية هي قلب المصائب و السبب الرئيسي للتدهور. نعم الحس الوطني لم يمت بل هو كامن وحي ويكفي أن نلاحظ الغضب العارم للتدخلات عبر السفراء والوزراء والوفود الأمريكية والآوروبية في صميم شئوننا الداخلية، والاستياء من الممولين أجنبيا سواء أفراد أم منظمات.
الخطاب يصر علي ضرورة الصمود في مواجهة دعاة الهزيمة والتبعية بقوة وحزم وتعرية مقولاتهم الانهزامية
التأكيد علي أنه ليست العبرة بالموافقة علي مبادرات أوضاع مجحفة مثل مبادرة روجرز في ظروف قاسية. أضاف الخطاب القصير والبليغ وبصراحة كاملة أن القبول بمبادرة روجرز تصبح جريمة إذا كانت تعبيرا عن الاستسلام وتعني التقاط الأنفاس إذا كانت استعدادا للمواجهة ولاستنزاف العدو. إذا العبرة ليست بموقف ما إنما بما يتبعه أو يصاحبه من مواقف أخري. فمقولة غياب رصاصة تجاه الجولان تتناسي عمدا رفض الدولة السورية الاستسلام أو الموافقة علي معاهدات مثل كامب دافيد أو وادي عربة، بالإضافة إلي دعم الدولة الحاسم للمقاومة اللبنانية في 2006، كل هذا له تفسير واضح وهو الاستمرار في استراتيجية الصمود والمقاومة وعدم الرضوخ للإملاءات.
تحية لك يا إبن عبد الناصر لهذا الدعم المعنوي لسوريا وكما ذكرت في نهاية خطابك “
تحية لسوريا قلب العروبة النابض” كما وصفها القائد العربي العظيم جمال عبد الناصر وتحية” لشعبها العروبى الوفى والخزي والعار لخدام النيتو تجار الدين الخونة “
د.محمد أشرف البيومي
أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعتي الإسكندرية وولاية ميشجان (سابقا) 26 يناير 2014
-------
ناصر قنديل _ ذكرى الوحدة بين سورية ومصر / حوار الاخبارية 22 02 2014-------