Quantcast
Channel: Respect: SALAM ALQUDS ALAYKUM – سلام القدس عليكم
Viewing all articles
Browse latest Browse all 27504

نارام سرجون - جلاء المعارضة عن الوطن وإعلان استقلاله.. بانتظار عودة غورو

$
0
0
منذ أن تعلمت القراءة لا أذكر من كل ما قرأت إلا الكلام الذي كان يثقب جدران ذاكرتي كالرصاص أو يتفجر كلما اقتربت منه عيناي.. وأنا لا أنسى الكلام الذي بقي أثره كالوشوم على جسد ذاكرتي الطويل كما أثر الوشوم التي يتركها الحديد المحمّى.. ومن كل ماقرأت لم أعد أذكر رائحة كلمة واحدة إلا الكلمات التي قبّلها من شفاهها إله العطر قبل أن تسافر على دروب أسرّة السطور.. ومن كل ماقرأت لم يبق في ذاكرتي مذاق إلا مذاق النبيذ المعتق الذي شربته من عروق الفلسفة ودوالي العنب التي سقاها الأدب العظيم والشعر العظيم والنثر العظيم.. ومن بين كل ماقرأت لم تقدر ذاكرتي على إسكات رنين كلمة جميلة لها نغم عذب لايزال يتردد دون توقف منذ سنين.. وكأن أجراس الموسيقى معلقة على أغصان الكلام العبقري كما العرائش الشامية تعانق شجر النارنج وتتدلى منها أجراس العطر والمسك..

لم يبق في سواقي الذاكرة إلا جداول الذهب وسلال مليئة بالنجوم والأقمار.. وماعدا ذلك تبخر وطار.. وطارت عن أغصان ذاكرتي كل الكتب والمقالات والأسماء التي كانت تحط كل يوم كالغربان السوداء وكأسراب الدبابير وتغادر على عجل دون أن تبني عشا على أغصان الذاكرة أو تترك قشة أو ريشة تائهة أو لحنا أو زقزقة تحملها العواصف نحو المستقبل.. لم يبق منها إلا بقايا الطنين وصدى النعيق.. ورغاء قوافل الثوار العرب.. وثغاء كتاب العرب.. وتناقضات مثقفي العرب.. ونهيق العرب..

ولذلك ومنذ أن تعلمت كتابة الأحرف الأولى عرفت أنني أريد الكتابة كي أتحكم بخطوط الزلازل التي تمر بأعصاب البشر.. وبعقول البشر.. وأنني أريد أن أسيطر على مسارات العواصف اللغوية وأمزجة الرياح وسرعة الضوء.. وأن أقرر درجة حرارة الطقس فوق كل الأوراق المسكونة بأمم الكلمات.. إلى أن جاءت هذه الأزمة العنيفة التي أثبتت لي أن من أهم ماتحتاجه الأمم هو أن يكتب لها كتابها وهم على خطوط الزلازل الفكرية وليرسموا لها خطوط الزلازل الجديدة.. والتصدعات الثقافية.. والفوالق الذهنية وليس على خطوط الاستجمام وشواطئ الاسترخاء والغيبوبة.. وعلى شواطئ الزيت الأسود..

لن يوجد خط للزلازل في الثقافة والأخلاق مثل خط الأزمة السورية وفوالقها التي فصلت الدين عن الأخلاق وكشفت التشققات والصدوع في البنية الثقافية والأخلاقية التي تحتاج حتما إلى ترميم.. ولابد أن اليوم هو اليوم الذي يجب فيه رسم خطوط الزلازل الكبرى بين الله والوطن.. وبين المعارضة والخيانة.. وبين جيم الجريمة وجيم الجهاد.. ولابد من أن يعاد تعريف الاستقلال لا ليكون فقط الاستقلال عن الاستعمار والاحتلال الأجنبي بل ليكون الاستقلال عن المعارضة التي تريد احتلال الوطن وتقصفه بالهاون والجريمة.. ولابد من أن نعيد تعريف الجلاء بأنه ليس فقط جلاء الاستعمار عن الوطن بل جلاء المعارضة الرثة عن الوطن.. ولابد أن نرقص على خط زلزال آخر يفصل بين الديمقراطية والديكتاتورية.. لأنني أفضل أن أقف على الطرف الذي تكون فيه الديكتاتورية وطنية على أن أقف في الجانب الذي توجد فيه ديمقراطية تفتت الإجماع الوطنيوتستمد شرعيتها من بيت بان كيمون..
علينا أن نهز الديمقراطية المستوردة وأن ندق مفاصلها المهترئة وأن نمرر خطوط الزلازل بين عينيها عندما تشرف عليها مكاتب الأمم المتحدة ومراكز الأبحاث والمال لتحولها إلى ديكتاتورية تنجب فرسانا على شاكلة فرسان المستقبل والقاتل سمير جعجع والقومندان سعدو الحريري والمعتوه محمد مرسي في مصر والأبله المرزوقي في تونس.. ولابد من أن نعيد الاعتبار للديكتاتورية الوطنية عندما تكون شوفينية في الدفاع عن الاستقلال الوطني ورهاوة الحس الوطني وبلاهته لدى المعارضة..

نحن أمام لحظة فاصلة من الزمن.. وأمام لحظة تنطلق منها خطوط الزلازل في المفاهيم والمصطلحات والتاريخ والجغرافيا.. والدين.. والحرية.. والوطنية.. والمعارضة.. ونحن إذ نقف أمام ذكرى الاستقلال الوطني عن الاستعمار الفرنسي فإن علينا إدراك أننا على تخوم الاستقلال الوطني الأكبر الذي عبرنا إليه على جسر الأزمة السورية والمؤامرة الأكبر في التاريخ البشري على شعب من الشعوب..إنه استقلال الوطن عن الاحتلال العثماني الثاني ودحر الحملة السلجوقية الثانية وقتل للسلطان سليم في مرج دابق.. وهو استقلال عن المعارضة التي اتهمت الدكتاتورية بأنها احتلال وطني فإذا بالديكتاتورية تحمي الاستقلال الوطني.. وإذا بالمعارضة تتحول إلى سلطات انتداب وتمارس احتلال الوطن ونهب تراثه ونفطه وتقتل الناس دون تمييز كما تفعل سلطات أي احتلال في العالم.. بل وتمارس التمييز العنصري بحق من لا تعطيه حق المواطنة بسبب انتماء مذهبي أو عرقي.. هذه المعارضة يجب التحرر منها والكفاح المسلح ضدها كما أي قوة استعمار.. ولايوجد هناك فرق بين إنذار غورو الذي سبق احتلال دمشق وبين إنذار أوباما لتسليم دمشق سوى أن غورو دخل دمشق بنفسه بعد أن قتل يوسف العظمة.. أما أوباما فلم يجرؤ على دخول دمشق.. وترك “غورو الجولاني” ليقوم بذلك.. ليقتل يوسف العظمة من جديد..

ورغم أنه لايبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية بصدد التراجع عن مشروع تأديب سورية والخط المقاوم ولكن من المؤكد أن هناك قرارا على أعلى المستويات في الإدارة الأمريكية بعدم التدخل بشكل مباشر وأن عهد الإنذارات والتلويح بالخيارات العسكرية قد انتهى وحسم ذلك نهائيا.. ومن ينتظر جيوش الفاتحين الأمريكيين فعليه أن يعيش بانتظار عودة غورو على غرار مسرحية بانتطار صموئيل بيكيت “بانتظار عودة غودو” العبثية التي لايعود فيها غودو طبعا.. ويبدو أن أكبر كابوس يمكن أن يراه الأمريكيون هو أن يفكروا بإرسال قواتهم إلى الشرق الأوسط إلى قبالة الشواطئ السورية بحجة تجاوز الخطوط الحمر.. والتي حاول صاحب الخطوط الحمر ونفاد الصبر اردوغان إعادة رسمها معتمدا على صاحب نظرية الصفر أحمد داود أوغلو..

بدأ سير خط الزلازل بالوضوح وهو يتجه صوب المعارضة السورية.. لأن كل أحلام المعارضة السورية باستدراج جديد للغرب إلى الملف السوري انتهت نهائيا.. وكان الرد الأمريكي هو إطلاق العنان لتقارير غربية عن دور تركيا في تمثيلية مجزرة الكيماوي في الغوطة.. والغاية من نشر القضية على لسان سيمور هيرش ليس اكتشافا متأخرا للحقيقة بل رسالة جلية للأتراك والمعارضين السوريين بأن أي محاولة لاستدراج الغرب والأمريكيين إلى الملف السوري ليست مستساغة وغير مرحب بها وسيعاقب مرتكبها بجره إلى محاكم جرائم الحرب.. فكلنا نعلم أن تقرير سيمور هيرش سبقه تنويه من الدبلوماسية السورية أن وحدات عسكرية اعترضت اتصالات بين مسلحين سوريين ينوون القيام بتمثيلية كيماوية وقحة جديدة.. وتم اطلاع الروس عليها.. وعندما علمت الولايات المتحدة بذلك سارعت إلى إحباطه بتهديد تركيا بجرجرة قادتها إلى المحاكم الدولية.. لأن القرار النهائي في البيت الأبيض أنه لاداعي لتكرار مغامرة آب.. لاعتبارات سنعرف بعضها لاحقا.

فالانسحاب الأمريكي من المواجهة المباشرة بعد أزمة الكيماوي فاجأ الأتراك والسعوديين والفرنسيين.. وكان من المتوقع أن يحاول هؤلاء خلق أجواء جديدة للمواجهة بالتنسيق مع الإسرائيليين.. وكانت الأزمة الأوكرانية مثيرة للشهية على اعتبار أن تدخل روسيا في القرم يمكن أن يستفز الأمريكيين فيقرروا التدخل في سورية لكنهم سيحتاجون ذريعة قوية.. فوصلت أنباء وتقارير استخبارية أمريكية تفيد أن السعوديين (فريق بندر) والأتراك والفرنسيين يريدون شن هجوم كيماوي جديد لاستغلال الانفعال الأمريكي في القرم ومنحه وقودا كيماويا ليرد على روسيا في سورية.. لكن الرسالة الأمريكية كانت صارمة للغاية بأنها ستقوم بتأديب من يحرجها في هذه اللحظة التاريخية.. ودلت على ذلك بتقارير لاتهام تركيا بما حدث في مسرحية الكيماوي..
وتلا ذلك إعفاء بندر من سلطان نهائيا ويرجح البعض أن السبب ربما هو تنسيقه مع جهات إقليمية لإطلاق الحملة الثانية عن استعمال السلاح الكيماوي مما اعتبر زجا فظا للأمريكيين في مشروع لايلقى حماسهم واستحسانهم هذه الأيام..

ولمعرفة سبب الإصرار الأمريكي على تأديب كل من يحاول استدراجها مباشرة إلى الملف السوري علينا معرفة بعض التفاصيل التي تتردد في بعض الصالونات السياسية..

بالطبع في آب الماضي تمت تمثيلية السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية بترتيب من فصائل مسلحة تلقت أمر عمليات من تركيا من أجل إحراج الغرب وإرغامه على التدخل تحت ضغط أخلاقي وإنساني.. ومما لاشك فيه أن التنسيق مع اللوبي اليهودي في الغرب كان واضحا لنسخ حكاية حلبجة العراق وماتلاها من تداعيات..
ورغم كل ماقالته التقارير من أن الأمر مدبر في تركيا وفرنسا دون علم الأمريكيين فإنه لايبدو مقنعا على الإطلاق.. فتمثيلية الغوطة في آب واوركسترا التهييج الإعلامي التي انطلقت متساوقة ومتناغمة في كل أنحاء العالم لايمكن أن تمر دون إيماءة أمريكية صريحة خاصة أن الأمريكيين لم يتريثوا في تحليل المعلومات واعتبروا كل المعلومات يقينية خلال 24 ساعة.. ولكن لايمكن لعاقل أن يصدق أن المخابرات الأمريكية المنتشرة في العالم تركت تركيا (عضو الناتو) دون مراقبة دقيقة على مدار الساعة.. لأن تركيا صارت بستانا مليئا بالإسلاميين وفيه تنضج ثمار القاعدة التي تتدفق إلى سورية محملة على سيارات الدفع الرباعي ومن الجنون ترك حظيرة الوحوش التركية دون حراسة.. ومن المحال أن تترك تركيا في هذه الظروف دون مراقبة على مدار الساعة.. وكذلك لايصدق عاقل أن المخابرات الأمريكية المزروعة في الأردن في غرف نوم المسؤولين وفي غرفة الملك والملكة.. وفي سريرهما.. وتنام معهما على نفس الوسادة.. لا يصدق عاقل أنها فوجئت بتمثيلية الغوطة ولم تعرف بأنها مسرحية حقيرة منذ الساعات الأولى..
ومن المستحيل أن المخابرات الأمريكية التي توظف مدير المخابرات السعودية بندر بن سلطان لديها لم تعرف أن ماجرى في الغوطة كان تمثيلية منذ اللحظات الأولى بغرض الضغط على دمشق.. ولا ننسى وجود المخابرات الأمريكية في قطر ودول الخليج العربي المحتل التي فيها رعايا أمريكيون أكثر من الرعايا العرب.. ناهيك عن الإشراف المباشر والتدريب من قبل المخابرات المركزية الأمريكية على المسلحين في الداخل السوري والتنسيق المحكم بين الطرفين.. قكيف لم تدرك المخابرات الأمريكية رغم هذا أن الأمر مدسوس؟؟ أي أن المخابرات الأمريكية في الحقيقة هي صاحبة المشروع الكيماوي ولكن غرفة العمليات كانت في تركيا..
ويبدو أن الأمريكيين كانوا يريدون بتلك العملية إرغام الدولة السورية على القبول ببعض الشروط السياسية المهينة ومن بينها قبول هيئة حكم انتقالية واسعة الصلاحيات وفيها ممثلون عن الإخوان المسلمين مقابل تلافي الحرب التي تم الترويج لها على أنها قادمة لامحالة إن لم تقم الحكومة السورية بقبول الشروط الأمريكية التي قررت (كما قالت) أن تضع حدا “لعربدة الأسد وجيشه بالسلاح القذر” عبر وضع ممثلين للمعارضة بالقوة في مركز صناعة القرار لمنع مغامرات كيماوية قادمة.. إلا أن الأحداث بينت أن السوريين غير مستعدين لأن تكون هناك شروخ سياسية في استقلالهم الوطني.. أو أن يكون للدول الغربية حصة في الحكم وأن تكون شريكة في البيت السوري عبر ممثليها على غرار لبنان وأفغانستان والعراق وليبيا والسعودية وقطر.. وتركيا.

كانت حسابات الأمريكيين أن البراغماتية السورية ستقبل على مضض في آخر لحظة قرب الهاوية ولن تغامر في العناد وهي تعرف أن اردوغان متشوق لهذه الفرصة لاسترداد هيبته لأن تركيا ستفتح كل حدودها وأجوائها المطلة على كل الشمال السوري للعملية العسكرية على مسافة 800 كم.. وسيواجه السوريون أسرابا من صواريخ كروز وتوماهوك القادمة من الغرب من البحر.. ولن تغيب إسرائيل عن المعادلة في الجنوب وكذلك لن يغيب المسلحون في الداخل عند ساعة الصفر.. وكانت بعض التقارير الأمريكية تقول: إن الدبلوماسية السورية لاتحب المغامرات غير المحسوبة وأن ارتقاء التهديد الأمريكي إلى أقصاه سيخفض الرفض السوري إلى أدنى عتبة يمكن بعدها أن تقفز فوقها الهيئة الانتقالية نحو المشاركة في الحكم.. وتصل لأول مرة إلى مركز صنع القرار في دمشق.. ويتم بعدها تفكيك كل الجيش السوري ومنظومات الصواريخ والأمن وليس السلاح الكيماوي فقط الذي سيشل أوتوماتيكيا..

لكن الدبلوماسية السورية هذه المرة كانت خارج الحسابات ولم تهتز وهي تدرك أن الأمريكيين مهما بلغ بهم الجنون فإنهم لايدخلون حربا لايعرفون من زواياها الكثير.. فهناك الزاوية الإيرانية والروسية وزاوية حزب الله وزاوية القدرات الصاروخية الهائلة للجيش السوري.. وهذه الزوايا ستصيب الزاوية الإسرائيلية بشكل مؤلم جدا.. وهذا كان كافيا لكي تسترخي أعصاب السوريين رغم التوتر الشديد في العالم.. وكانت أول علامة على انخفاض العتبة الأمريكية -لا السورية- هي إحالة القضية إلى الكونغرس قبل إعطاء أمر العمليات.. وكان ذلك في الحقيقة لإعطاء مهلة لإيجاد مخرج غير محرج للأمريكيين الذين لايريدون الدخول في مغامرة.. والذين انتقلوا إلى الخطة (ب) عبر مؤتمر جنيف والإصرار على هيئة الحكم الانتقالي.

وكان المخرج الكيماوي اتفاقا دوليا سمح لأميركا بالخروج من التدخل المباشر دون إمكانية العودة إليه.. وهذا الانسحاب الأمريكي.. نهائي.. وكل من يروج أن الأمريكيين يبحثون عن سيناريو العودة يخدع نفسه ويخدع أتباعه.. والجواب الواضح كان في التذمر من إمكانية تكرار مسرحية كيماوية وإرسال إشارات تحذير.. عبر ماحمله تقرير هيرش من اتهامات صريحة.. وكل من يروج أن حلب ستكون “القرم التركي الأمريكي” ويبشر بانتصارات عليه معرفة أن التشققات التي أحدثها الحدث السوري في جسد الدبلوماسية الأمريكية والتصدعات في قوة الردع الأمريكي وهيبة الغرب ليست تشققات عادية.. بل هي تشبه الحدث التاريخي الاستثنائي الذي تنطلق منه خطوط الزلازل الكبرى والفوالق في التضاريس الجيوسياسية.. ليبدأ العالم تغيراته الدورية ولتمارس فيه القوى الكبرى عملية تداول “السلطة” وتسليم مفاتيح العالم لمرحلة جديدة..

لذلك فإن عيد الجلاء هذا العام يستكمل مابدأ عام 1946 بجلاء آخر جندي فرنسي عن سورية بعد احتلال دام ربع قرن.. وعيد الجلاء اليوم يستكمل عملية دحر الحكم العثماني الذي دام أربعة قرون.. واليوم بالذات اكتملت عملية دحر السلاجقة في آخر معركة مع حفيد السلطان سليم الذي أينع رأسه في حلب.. وسيتم إنجاز الخروج من العهد العثماني بشكل نهائي بعد تردد وانتطار داما مئة سنة منذ عام 1916..

وفي عيد الجلاء الوطني السوري عام 2014 نستهل عملية تحرير العقل السوري من أوهام المعارضة والإسلاميات التي تحل المشاكل ومن رومانسيات الليبراليين العرب.. إننا نتحرر من الأوهام لصالح الوطنية العليا ولصالح ديكتاتورية القيم الوطنية.. واليوم نستعد لإنجاز أهم استقلال على الإطلاق وهو الاستقلال عن المعارضة العميلة.. ونتهيأ لتحرير الوطن من المعارضة التي تحتل أجزاء منه.. ومن المعارضة التي تتحول إلى مكاتب عقارية للاستعمار كما كانت مكاتب الوكالة اليهودية في فلسطين تشتري من العرب أراضيهم عبر أشخاص عملاء وساسة عملاء.. واليوم تتابع المعارضات العربية نفس الدور القذر.. بعضها يبيع لواء اسكندرون لتركيا.. وبعضها يبيع الجولان.. وبعضها يبيع المسجد الأقصى.. وبعضها يبيع البحيرات والأنهار الكبرى.. وهذا يمثل أكثر أنواع الاستعمار انحطاطا.. إنه الاستعمار الوطني..


سيبدأ خط الزلازل إذن بالسير نحو البلدان العربية منذ اليوم لتقوم بعملية الاستقلال من جديد بالتخلص من قوى المعارضة الرثة والقوى الدينية الوهابية والاخوانية والإسلام السياسي.. ومن يقرأ التاريخ عليه أن يتذكر حقيقة لا لبس فيها وهي أن أول بلد عربي ينجز استقلالا ناجزا عن الاستعمار كان سورية عام 1946.. ومنها انطلق دينامو التحرر الوطني وحركات الاستقلال عن الاستعمار كما النار في الهشيم.. وكأن خط الزلازل الوطنية وخط النار انطلق من دمشق.. ولذلك فإن عملية الاستقلال الكبرى ستتمثل في الاستقلال الثاني عن المعارضات العميلة والخائنة والتي مارست احتلال الأوطان بالعنف.. وستصل الموجة الوطنية تباعا إلى كل البلدان المنكوبة بالمعارضات الاستعمارية بعد أن دشن السوريون خط الزلازل ضد الرثاثة والانحطاط.. وضد قوى الاحتلال الجديد التي تمارس نازية وفاشية أكثر من أية ديكتاتورية ومن أية قوة استعمارية.. إنها المسماة معارضات عربية.. أحقر أنواع الاستعمار.. وأنذلها..

اليوم في عيد الجلاء أنشدوا جميعا هذا النشيد العظيم الذي لا يشبهه كلام والذي ليس لمذاقه مثيل.. إنه الكلام الذي لايمكن لذاكرة إلا أن تنحني له وتفتح له ذراعيها وأغصانها وغاباتها.. وهو “إله العطر” الذي ينضم إلى الآلهة السورية القديمة ويعطر هذا الجو السديمي الذي أفسدته أنفاس المعارضين والخونة وثوار الناتو والإسلاميون الوهابيون وأحفاد السلطان سليم:


حُـماةَ الـدِّيارِ عليكمْ سـلامْ أبَتْ أنْ تـذِلَّ النفـوسُ الكِرامْ

عَـرينُ العروبةِ بيتٌ حَـرام وعرشُ الشّموسِ حِمَىً لا يُضَامْ

ربوعُ الشّـآمِ بـروجُ العَـلا تُحاكي السّـماءَ بعـالي السَّـنا

فأرضٌ زهتْ بالشّموسِ الوِضَا سَـماءٌ لَعَمـرُكَ أو كالسَّـما

رفيـفُ الأماني وخَفـقُ الفؤادْ عـلى عَـلَمٍ ضَمَّ شَـمْلَ البلادْ

أما فيهِ منْ كُـلِّ عـينٍ سَـوادْ ومِـن دمِ كـلِّ شَـهيدٍ مِـدادْ؟

نفـوسٌ أبـاةٌ ومـاضٍ مجيـدْ وروحُ الأضاحي رقيبٌ عَـتيدْ

فمِـنّا الوليـدُ ومِـنّا الرّشـيدْ فلـمْ لا نَسُـودُ ولِمْ لا نشـيد؟

Viewing all articles
Browse latest Browse all 27504

Trending Articles