الخليج ودعاة “الجهاد” في سورية… معاوية والستون ألف شيخ
في حزيران/ يونيو 2013 عقد في مصر مؤتمر باسم “موقف علماء الأمة من أحداث سوريا”، احتشد فيه أكثر من من 70 جمعية ورابطة إسلامية من الخليج والعالم العربي، اعتبر فيه أن “ما يجري فى أرض الشام حربا معلنة على الإسلام والمسلمين عامة”، وعرض أن الجهاد في سوريا واجب على كل مسلم وعلى كل الشعوب والحكام، وأن أحداث سوريا قضية الأمة كلها وليست قضية سوريا وحدها.
وفي البحرين، نشط مشروع علني باسم «تجهيز غازي» منذ 2012، عمل على تجهيز مسلّحين للقتال في سوريا، وتزويدهم بمعدّات قتالية مثل مضادّات الطيران. وقام عليه أعضاء من جمعية «الأصالة» الإسلامية، على رأسهم النائب في البرلمان الحالي عبدالحليم مراد.
استمر النفير العام للقتال في سوريا مفتوحاً وعلنياً قرابة 3 أعوام كاملة، حتى أصدرت المملكة العربية السعودية في بداية شباط/ فبراير 2014 قراراً يقضي بتجريم المشاركة في القتال في سوريا، لتنزوي فجأة كل هذه الأصوات بالكامل وتختفي نشاطاتها من الواجهة، وتتحول فتاوى الوجوب إلى تحريم.
خلال فترة الخلافة الراشدة، وعندما تسلم علي ابن أبي طالب الحكم بعد مقتل عثمان، رفض معاوية مبايعته، وأرسل مبعوثه برسالة شفوية يقول فيها لعلي: “وتَركتُ ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص عثمان وهو منصوب لهم، قد ألبسوه منبر دمشق”. أي أن لدي جيش فتن من شيوخ المنابر أحاربك بهم، جيش قوامه 60 ألف شيخ، سأجعلهم يبكون باسم قميص عثمان ويأتون بنظرية القصاص: لن نبايع قبل أن يقوم هذا الخليفة بالاقتصاص. فهم علي الرسالة وعرف أن المعركة واقعة، فكانت صفين.
خطاب الفتنة يقوم دائماً على اثنين: السياسي ورجل الدين ومن في حكمه من مثقف أو إعلامي، الأول يصنعه والثاني يشعله. السياسي لا غنى له عن منبر رجل الدين، ولا عن قميص يجعله موضوعاً لبكاء رجل الدين. خلف كل سياسي 60 ألف شيخ يبكون قميصا ما، ومع كل شيخ منبر ينشر عليه هذا القميص ليشعل بكاء الناس ويوجه نفرتهم نحو الكراهية والقتل والقصاص والحديث باسم ولي الدم.
لا يزال الـ60 ألف شيخ يبكون منذ زمن معاوية حتى اليوم، ينطقون من خلال معاوية معاصر (قوة سياسية)، ولكل معاوية قميص أو مجموعة أقمصة يغيرها حسب ما يخدم وضعه السياسي.
لم تعد منطقة الخليج هي المصدر الأول للنفط في العالم فقط، بل غدت مصدرا لخطابات الفتنة الأكثر تطرفاً أيضاً. السياسي في الخليج يقود الفتنة السياسية، ويحدّد قميصاً ما موضوعاً للبكاء، ويجهّز منابره وأموال نفطه، ثم ينشرها عليها ويتركها تشتعل بين يدي شيوخ دينه.
لا تقوم الفتنة بدون أموال الساسة التي تصيغ خطابات الـ60 ألف شيخ. في فتنة حرب الجمل، قال يُعلى بن أمية الذي عُزل عن اليمن وخرج منها حاملاً كل أموال الجباية من بيت مال المسلمين: “من كان يريد إعزاز الإسلام وقتال المجلبين والطلب بدم عثمان ومن لم يكن عنده مركب ولم يكن له جهاز فهذا جهاز وهذه نفقة”. لقد استخدم أموال بيت المسلمين في تمويل وتجهيز المقاتلين للمشاركة في فتنة الجمل، وكان يقول للناس: معي 600 ألف و600 بعير فاركبوها.
في الخليج، كانت دعوات وجوب النفرة بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد والنصرة وتجهيز الغزاة «تجهيز غازي»، تنطلق من ذات الدعوات والتجهيزات لفتنة حرب، القميص اختلف: “ما يجرى فى أرض الشام حربا معلنة على الإسلام والمسلمين عامة”، وكذلك السياسي اختلف، لكن الـ60 ألف شيخ بقوا كما هم، خزان فتن لا ينضب.
المنار
في نهاية المؤتمر، أعلن «علماء الأمة» النفير العام إلى سوريا، ودعوا في بيانهم الختامي إلى “وجوب النفرة والجهاد لنصرة اخواننا في سوريا بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد والنصرة”. وقال محمد العريفى الداعية السعودي فى تصريح صحفي، أنه “تم تشكيل لجنة مهمتها المتابعة، والتنسيق مع قيادات الكتائب المقاتلة فى سوريا لدعمهم سواء بالمال والنفس والسلاح”.
وفي البحرين، نشط مشروع علني باسم «تجهيز غازي» منذ 2012، عمل على تجهيز مسلّحين للقتال في سوريا، وتزويدهم بمعدّات قتالية مثل مضادّات الطيران. وقام عليه أعضاء من جمعية «الأصالة» الإسلامية، على رأسهم النائب في البرلمان الحالي عبدالحليم مراد.
استمر النفير العام للقتال في سوريا مفتوحاً وعلنياً قرابة 3 أعوام كاملة، حتى أصدرت المملكة العربية السعودية في بداية شباط/ فبراير 2014 قراراً يقضي بتجريم المشاركة في القتال في سوريا، لتنزوي فجأة كل هذه الأصوات بالكامل وتختفي نشاطاتها من الواجهة، وتتحول فتاوى الوجوب إلى تحريم.
خلال فترة الخلافة الراشدة، وعندما تسلم علي ابن أبي طالب الحكم بعد مقتل عثمان، رفض معاوية مبايعته، وأرسل مبعوثه برسالة شفوية يقول فيها لعلي: “وتَركتُ ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص عثمان وهو منصوب لهم، قد ألبسوه منبر دمشق”. أي أن لدي جيش فتن من شيوخ المنابر أحاربك بهم، جيش قوامه 60 ألف شيخ، سأجعلهم يبكون باسم قميص عثمان ويأتون بنظرية القصاص: لن نبايع قبل أن يقوم هذا الخليفة بالاقتصاص. فهم علي الرسالة وعرف أن المعركة واقعة، فكانت صفين.
خطاب الفتنة يقوم دائماً على اثنين: السياسي ورجل الدين ومن في حكمه من مثقف أو إعلامي، الأول يصنعه والثاني يشعله. السياسي لا غنى له عن منبر رجل الدين، ولا عن قميص يجعله موضوعاً لبكاء رجل الدين. خلف كل سياسي 60 ألف شيخ يبكون قميصا ما، ومع كل شيخ منبر ينشر عليه هذا القميص ليشعل بكاء الناس ويوجه نفرتهم نحو الكراهية والقتل والقصاص والحديث باسم ولي الدم.
لا يزال الـ60 ألف شيخ يبكون منذ زمن معاوية حتى اليوم، ينطقون من خلال معاوية معاصر (قوة سياسية)، ولكل معاوية قميص أو مجموعة أقمصة يغيرها حسب ما يخدم وضعه السياسي.
لم تعد منطقة الخليج هي المصدر الأول للنفط في العالم فقط، بل غدت مصدرا لخطابات الفتنة الأكثر تطرفاً أيضاً. السياسي في الخليج يقود الفتنة السياسية، ويحدّد قميصاً ما موضوعاً للبكاء، ويجهّز منابره وأموال نفطه، ثم ينشرها عليها ويتركها تشتعل بين يدي شيوخ دينه.
لا تقوم الفتنة بدون أموال الساسة التي تصيغ خطابات الـ60 ألف شيخ. في فتنة حرب الجمل، قال يُعلى بن أمية الذي عُزل عن اليمن وخرج منها حاملاً كل أموال الجباية من بيت مال المسلمين: “من كان يريد إعزاز الإسلام وقتال المجلبين والطلب بدم عثمان ومن لم يكن عنده مركب ولم يكن له جهاز فهذا جهاز وهذه نفقة”. لقد استخدم أموال بيت المسلمين في تمويل وتجهيز المقاتلين للمشاركة في فتنة الجمل، وكان يقول للناس: معي 600 ألف و600 بعير فاركبوها.
في الخليج، كانت دعوات وجوب النفرة بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد والنصرة وتجهيز الغزاة «تجهيز غازي»، تنطلق من ذات الدعوات والتجهيزات لفتنة حرب، القميص اختلف: “ما يجرى فى أرض الشام حربا معلنة على الإسلام والمسلمين عامة”، وكذلك السياسي اختلف، لكن الـ60 ألف شيخ بقوا كما هم، خزان فتن لا ينضب.
المنار