Robert Fisk: Beware wishful thinking. Assad isn’t going soon
روبرت فيسك: تنبهوا أيها الحالمون، فالأسد لن يرحل
أوقات الشام
روبرت فيسك
خاب أمل السوريين الذين جلسوا ليلة أمس للاستماع إلى لقاء الرئيس بشار الأسد بمناسبة عيد الجلاء. فهو لم يقدم لهم دراما من الدم والعرق والدموع. لم يقدم سوى المزيد من الحرب، مؤكداً أنه سينتصر في هذه الحرب. تم الإفراج عن أكثر من سبعة آلاف سجين بمناسبة تحرر سوريا من الاحتلال الفرنسي قبل ٦٧ عاماً. ولكن ما أراد الأسد فعلياً قوله لشعبه هو أنه يخوض حرباً غير طائفية. تناقلت وسائل الإعلام الأجنبية كذباً أنه “رئيس متمسك بالكرسي ويقاتل شعباً يريد منه الرحيل.” ولكن هذا ليس صحيحاً. الأمر هو أن الدول الغربية تريد من العرب الخضوع لها، حيث قال الأسد “رأينا تدخلهم الإنساني في العراق وفي ليبيا، واليوم نراه في سوريا.”
ولكن، لدى الأسد وجهة نظر. لندن وباريس وواشنطن هي عواصم تحب المنفيين. في العراق، حاولنا إقحام أحمد الجلبي، المنفي المخيف والثري. وجميعنا نعلم كم كان الاعتماد عليه مثميراً. نحاول اليوم أن نتوهم أن مقاتلي الحرية في ليبيا هم مقاتلون ملحميون، وهاهم اليوم يحكمون ممالكهم الصغيرة في بنغازي وطرابلس )بعد أن تخلصوا من السفير الأمريكي(، ولم يكن ذلك ممكناً بالطبع دون مساعدة ضربات الناتو الجوية ضد القذافي. ولو لم تكن الجزائر حليفاً مخلصاً لسوريا، كان من الممكن للأسد أن يقول أن فرنسا سلمت مستعمرتها هناك إلى منفيين جزائريين حاولوا جهدهم لتجنب حرب الاستقلال، وظهرت نتائج أعمالهم في دولة أوتوقراطية شرسة ذبح أبناؤها في معارك الإسلاميين في تسعينات القرن الماضي وتبقى هي ونظامها الفاسد قائمة حتى يومنا هذا.ونصل إلى “المعارضة السورية”، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار كل مهاتراتها الصبيانية وخلافاتها الحمقاء، يحق لنا أن نسأل قائدها السيد معاذ الخطيب عما يفعله بحق السماء؟ هل استقال أم لم يستقل؟ وماذا عن تحالف المعارضة مع مجموعات القاعدة التي هي نفسها تلك التي تشكل مركز الجهاد في مالي. هل تذكرون مالي؟ لقد كانت هذه البقعة من العالم مركز الإرهاب العالمي في شهر كانون الثاني الماضي. واليوم، يقبع مركز الإرهاب العالمي في شمال سوريا، إنهم يقاتلون “في صفوفنا” ضد الأسد الذي نكرهه. أما نحن، الغربيون الشجعان، فنحن قلقون على ما يبدو، من وقوع أسلحة بشار الكيميائية في “الأيدي الخطأ”.
ولكننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن فهم سير الأمور في الشرق الأوسط. نحن لا نفهم أولئك الذين نحبهم، أي قطر والسعودية وغيرهم من الديمقراطيات المحبة للحرية وأمريكا، كما لا نفهم أولئك الذين نكرههم، مثل سوريا وإيران ، وربما العراق في المستقبل القريب )في حال عدم انصياعه لأوامرنا(، وربما مصر أيضاً) إلا في حال تولي الجيش أمور البلاد وإعادتها إلى أيدي شبيهة بيدي مبارك (. لن أنس أبداً الرائع دانيل بايبس الذي قال أن العراق الآن بحاجة إلى رجل قوي بعقلية ديمقراطية. ربما يعتبر بشار الأسد نفسه متوافقاً مع هذا الوصف.
هذه الأثناء، نتفرج نحن على الدول العربية التي تتكالب في حربها على النظام السوري، وتدفع بالمزيد والمزيد من الأسلحة إلى هذه الحرب، هذه الحرب التي أراها، على نقيض الأسد، طائفية بكل معنى الكلمة. وفي نفس الوقت، نصرخ رافضين تدخل إيران وحزب الله اللبناني في الشأن السوري.
ولكن تدخل حزب الله مهم لأن إيران وحلفاءها سبب من أسباب هذا النزاع. وواقع الحال هو، وعلى الرغم من عدم تعرض الأسد لهذا الموضوع في لقائه التلفزيوني بمناسبة عيد الاستقلال، أن إيران هي الهدف من شن الحرب على سوريا، فإسقاط الأسد هو جزء من مخططنا لتحطيم حليفه الإيراني، تماماً كما كان هدف إسرائيل هو تفتيت إيران من خلال شن حرب على حزب الله في لبنان عام ٢٠٠٦. حينها، خسرت إسرائيل الحرب، فهل يخسر أعداء الأسد أيضاً؟
لدينا في لندن وباريس وواشنطن عادة قديمة. نحن نعتقد أن الرؤساء “الديكتاتوريين” الذين لا نحبهم سيرحلون فعلاً، أو يتنحون، أو سيخسرون الحرب، عبارات متعددة نحب استخدامها، وذلك سيحدث لأننا نحن نريد لهم الرحيل. ألم يتم تدمير صدام؟ ألم تتم تصفية القذافي؟ ألم يذهب ميلوسوفيتش إلى لاهاي؟ كل هذا صحيح. ولكن ستالين بقي في مكانه. كيم جونغ أون لا يعاني من شيء أيضاً، ولكن هذا قد يعود إلى امتلاكه لأسلحة نووية، بينما إيران تسعى، أو قد لا تسعى، إلى امتلاك أسلحة شبيهة، ولذلك تبقى دوماً على قائمة المستهدفين من قبل أمريكا وإسرائيل. ولكن، فيما يلي بعض الأنباء السيئة لأعداء الأسد.
ذكر الأسد في لقائه الجيش السوري، ولكنه لم يذكر توسعه الأخير على الأرض. يسيطر جنود الجيش اليوم على معظم منطقة داريا، وهم يتقدمون نحو حرستا في ضواحي دمشق. الطريق البالغ طوله مئة ميل، والمتجه من دمشق إلى طرطوس واللاذقية، والذي كان مغلقاً بسبب المجموعات المتمردة، هل تذكرونه؟ حسناً لقد أعاد الجيش فتحه وتأمينه. وللمرة الأولى منذ شهور، أصبح بإمكان السوريين قيادة سياراتهم من دمشق إلى ساحل المتوسط بكل أمان. إن المتمردين المحبوبين من قبل دول الناتو يخسرون في دمشق. نعم، ربما سيحاولون مرة أخرى. وقد يجري إغلاق الطريق المفضي إلى اللاذقية مرة آخرى. هذه الحرب قد ستتمر لسنة أو اثتنين أو ثلاث. ولكن انتبهو، لن يكون النصر حليف أحد.
فالقوة التي تصح المراهنة عليها هي جيش بشار الأسد. وإلى أن يتعب هذا الجيش من ضرب أعدائه، سيكون على كل رجالات الغرب ودبلوماسييها ومحلليها ومفكريها التافهين أن يبحثوا عن كرة كريستالية تتنبأ لهم بالمستقبل.
ولكن، لدى الأسد وجهة نظر. لندن وباريس وواشنطن هي عواصم تحب المنفيين. في العراق، حاولنا إقحام أحمد الجلبي، المنفي المخيف والثري. وجميعنا نعلم كم كان الاعتماد عليه مثميراً. نحاول اليوم أن نتوهم أن مقاتلي الحرية في ليبيا هم مقاتلون ملحميون، وهاهم اليوم يحكمون ممالكهم الصغيرة في بنغازي وطرابلس )بعد أن تخلصوا من السفير الأمريكي(، ولم يكن ذلك ممكناً بالطبع دون مساعدة ضربات الناتو الجوية ضد القذافي. ولو لم تكن الجزائر حليفاً مخلصاً لسوريا، كان من الممكن للأسد أن يقول أن فرنسا سلمت مستعمرتها هناك إلى منفيين جزائريين حاولوا جهدهم لتجنب حرب الاستقلال، وظهرت نتائج أعمالهم في دولة أوتوقراطية شرسة ذبح أبناؤها في معارك الإسلاميين في تسعينات القرن الماضي وتبقى هي ونظامها الفاسد قائمة حتى يومنا هذا.ونصل إلى “المعارضة السورية”، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار كل مهاتراتها الصبيانية وخلافاتها الحمقاء، يحق لنا أن نسأل قائدها السيد معاذ الخطيب عما يفعله بحق السماء؟ هل استقال أم لم يستقل؟ وماذا عن تحالف المعارضة مع مجموعات القاعدة التي هي نفسها تلك التي تشكل مركز الجهاد في مالي. هل تذكرون مالي؟ لقد كانت هذه البقعة من العالم مركز الإرهاب العالمي في شهر كانون الثاني الماضي. واليوم، يقبع مركز الإرهاب العالمي في شمال سوريا، إنهم يقاتلون “في صفوفنا” ضد الأسد الذي نكرهه. أما نحن، الغربيون الشجعان، فنحن قلقون على ما يبدو، من وقوع أسلحة بشار الكيميائية في “الأيدي الخطأ”.
ولكننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن فهم سير الأمور في الشرق الأوسط. نحن لا نفهم أولئك الذين نحبهم، أي قطر والسعودية وغيرهم من الديمقراطيات المحبة للحرية وأمريكا، كما لا نفهم أولئك الذين نكرههم، مثل سوريا وإيران ، وربما العراق في المستقبل القريب )في حال عدم انصياعه لأوامرنا(، وربما مصر أيضاً) إلا في حال تولي الجيش أمور البلاد وإعادتها إلى أيدي شبيهة بيدي مبارك (. لن أنس أبداً الرائع دانيل بايبس الذي قال أن العراق الآن بحاجة إلى رجل قوي بعقلية ديمقراطية. ربما يعتبر بشار الأسد نفسه متوافقاً مع هذا الوصف.
هذه الأثناء، نتفرج نحن على الدول العربية التي تتكالب في حربها على النظام السوري، وتدفع بالمزيد والمزيد من الأسلحة إلى هذه الحرب، هذه الحرب التي أراها، على نقيض الأسد، طائفية بكل معنى الكلمة. وفي نفس الوقت، نصرخ رافضين تدخل إيران وحزب الله اللبناني في الشأن السوري.
ولكن تدخل حزب الله مهم لأن إيران وحلفاءها سبب من أسباب هذا النزاع. وواقع الحال هو، وعلى الرغم من عدم تعرض الأسد لهذا الموضوع في لقائه التلفزيوني بمناسبة عيد الاستقلال، أن إيران هي الهدف من شن الحرب على سوريا، فإسقاط الأسد هو جزء من مخططنا لتحطيم حليفه الإيراني، تماماً كما كان هدف إسرائيل هو تفتيت إيران من خلال شن حرب على حزب الله في لبنان عام ٢٠٠٦. حينها، خسرت إسرائيل الحرب، فهل يخسر أعداء الأسد أيضاً؟
لدينا في لندن وباريس وواشنطن عادة قديمة. نحن نعتقد أن الرؤساء “الديكتاتوريين” الذين لا نحبهم سيرحلون فعلاً، أو يتنحون، أو سيخسرون الحرب، عبارات متعددة نحب استخدامها، وذلك سيحدث لأننا نحن نريد لهم الرحيل. ألم يتم تدمير صدام؟ ألم تتم تصفية القذافي؟ ألم يذهب ميلوسوفيتش إلى لاهاي؟ كل هذا صحيح. ولكن ستالين بقي في مكانه. كيم جونغ أون لا يعاني من شيء أيضاً، ولكن هذا قد يعود إلى امتلاكه لأسلحة نووية، بينما إيران تسعى، أو قد لا تسعى، إلى امتلاك أسلحة شبيهة، ولذلك تبقى دوماً على قائمة المستهدفين من قبل أمريكا وإسرائيل. ولكن، فيما يلي بعض الأنباء السيئة لأعداء الأسد.
ذكر الأسد في لقائه الجيش السوري، ولكنه لم يذكر توسعه الأخير على الأرض. يسيطر جنود الجيش اليوم على معظم منطقة داريا، وهم يتقدمون نحو حرستا في ضواحي دمشق. الطريق البالغ طوله مئة ميل، والمتجه من دمشق إلى طرطوس واللاذقية، والذي كان مغلقاً بسبب المجموعات المتمردة، هل تذكرونه؟ حسناً لقد أعاد الجيش فتحه وتأمينه. وللمرة الأولى منذ شهور، أصبح بإمكان السوريين قيادة سياراتهم من دمشق إلى ساحل المتوسط بكل أمان. إن المتمردين المحبوبين من قبل دول الناتو يخسرون في دمشق. نعم، ربما سيحاولون مرة أخرى. وقد يجري إغلاق الطريق المفضي إلى اللاذقية مرة آخرى. هذه الحرب قد ستتمر لسنة أو اثتنين أو ثلاث. ولكن انتبهو، لن يكون النصر حليف أحد.
فالقوة التي تصح المراهنة عليها هي جيش بشار الأسد. وإلى أن يتعب هذا الجيش من ضرب أعدائه، سيكون على كل رجالات الغرب ودبلوماسييها ومحلليها ومفكريها التافهين أن يبحثوا عن كرة كريستالية تتنبأ لهم بالمستقبل.