حركة النهضة وأذرعها... محرقة الشباب التونسي في سورية
الإثنين، 04 آذار، 2013
يوما بعد يوم تنكشف خيوط مخطط ما سمى بـــ‘’عسكرة الشباب الإسلامي’’ الذي إنخرطت فيها قوى الإسلام السياسي في بلدان "الربيع العربي" من أجل خدمة مصالح القوى الدولية الساعية لتدمير الدولة السورية تحت مسميات الثورة /التحرر/الديمقراطية والحرية مدعومة عبر الأنظمة الرجعية في الخليج العربي و ثرواتها "البترو- دولارية" الطائلة .
ولعل قوى الإسلام السياسي في تونس وليبيا كانت الأنشط في تطبيق هذا المخطط، الذي جاء بعد توصيات أمريكية أسرّ بها مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية "جفري فيلتمان" إلى الحكام الجدد التي صدرت عن مراكز أبحاث مقربة من دوائر صنع القرار في الإدارة الأمريكية . فحكومات " الربيع العربي " قد اتفقت على تسهيل تنقل الشباب الراغب في الانضمام إلى الجماعات المسلحة في سورية من اجل التخلص منهم و توفير كل التسهيلات اللوجستية و فسح المجال لدعاة التيار الجهادي من اجل تعبئة و حشد الشبيبة المجاهدة وذلك بتوصيات أمريكية .
فهي تسعى إلى ضرب عصفورين بحجرواحد فمن جهة تريد تأجيج الصراع في سورية من خلال إرسال هؤلاء الشباب الذين يذهب اغلبهم ضحية العمليات الانتحارية، ومن جهة أخرى تريد التخلص من كل من يحمل الفكر السلفي الجهادي لأن هؤلاء سيقفون حجر عثرة في طريق التحالف الإستراتيجي بين حكومات الإخوان والولايات المتحدة الأمريكية و لعل الأحداث التي أعقبت بث الفيلم المسيء للإسلام من مقتل السفير الأمريكي في بنغازي و إحراق السفارة الأمريكية في تونس خير شاهد و دليل .
إتفاق غليون – عبد الجليل
في شهر أكتوبر 2011 قام رئيس المجلس الوطني السوري آنذاك برهان غليون بزيارة إلى العاصمة الليبية طرابلس حيث التقى رئيس المجلس الانتقالي الليبي المستشار مصطفى عبد الجليل ومن اجل إقناع الطرف الليبي بتزويد الجماعات المسلحة في الداخل السوري بالسلاح و المقاتلين , وكانت صحيفة ” تلغراف” البريطانية كشفت في سلسلة تقارير نشرتها الشتاء الماضي عن ” اتفاق غليون ـ عبد الجليل” الذي أبرم بحضور نائب المراقب العام للإخوان المسلمين السوريين ، فاروق طيفور، الذي رافق غليون في زيارته إلى طرابلس و بحضور رضوان زيادة .
و كانت صحيفة الحقيقة السورية المعارضة قد نشرت في 24 جوان 2012 أن عشرات المسلحين الليبيين من "لواء مصراتة" و "لواء طرابلس" ، اللذين يشكلان أبرز تشكيلات السلفية "الجهادية" في ليبيا وشمال أفريقيا ،قد أعلنوا إنشاء "لواء الأمة" في سوريا بالتعاون مع مسلحي جماعة الأخوان المسلمين السورية في محافظة إدلب. وقال مصدر في جماعة الأخوان المسلمين السورية في لندن لـ"الحقيقة" إن إنشاء التشكيل العسكري الجديد" هو ثمرة للتعاون بين الثورتين الليبية والسورية ، ولاتفاق التعاون الذي أبرم بين الأخ فاروق طيفور ، نائب المراقب العام ، و الثوار الليبيين خلال زيارته المباركة إلى ليبيا في أكتوبر الماضي"،. وقال المصدر إن إنشاء "لواء الأمة" جاء بمبادرة من الشيخ عبد الحكيم المشري والمهدي حاراتي ، عضوي المجلس العسكري في طرابلس . وكانت الحكومة الأيرلندية كشفت في نوفمبر 2012 أن المهدي حاراتي ، الذي يحمل الجنسية الأيرلندية أيضا، هو عميل لوكالة المخابرات المركزية الأميركية مكلف بنقل المساعدات المالية السرية من "الوكالة" إلى عناصر الحركات الإسلامية في ليبيا خلال حملة الحلف الأطلسي وعملائه من الأخوان المسلميين ، والإسلاميين الليبيين الآخرين، لإطاحة نظام القذافي.
وفي هذا السياق قامت الجماعة الليبية المقاتلة بتطبيق هذا الاتفاق حيث استطاعت تأمين ألوية بعشرات المقاتلين من ليبيا و تونس و مصر و عموم منطقة المغرب العربي و بعض دول الساحل على رأسهم المهدي حاراتي قائد "لواء طرابلس" في ليبيا، وأحد أبرز مساعدي عبد الحكيم بلحاج ، زعيم "القاعدة" في شمال أفريقيا، ورئيس"المجلس العسكري في طرابلس" كما قامت بتوفير كميات ضخمة من الأسلحة و ذلك بدعم قطري, وفق معلومات مؤكدة حصلت عليها صحيفة "الحقيقة" السورية المعارضة من أوساط المجلس الوطني ، أن برهان غليون قد قام بزيارة إلى مدينة ادلب و التقى مع المهدي حاراتي ، حيث جرى اتفاق على توحيد الجهود العسكرية المشتركة بين "لواء الأمة" و مسلحي"الأخوان المسلمين" الذين يعتبرون القوة الأساسية وشبه الوحيدة في محافظة إدلب وريف حماة .
و بحسب ذات الاتفاق فقد عملت الجماعة الليبية المقاتلة بالتعاون مع بعض المجاميع الإسلامية الناشطة على الأراضي الليبية على تأسيس معسكرات تدريب للشباب الراغب في التوجه إلى سورية، هذه المعسكرات تنتشر في أربع مراكز كبرى الأول في بوسليم بالعاصمة طرابلس بإشراف القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة أبو دجانة و الثاني بالزنتان و الثالث بمركز القيادة العسكرية للجماعة الليبية المقاتلة بالجبل الأخضر و يعد هذا المعسكر الأخير الأكثر تطورا حيث يتعلم الشباب داخله تقنيات صنع و تفكيك العبوات الناسفة و صنع المواد السمية أما الرابع فهو معسكر الإخوان ببنغازي وهو معسكر للسلفية الجهادية و يتدرب المتطوعون فيه على عدة أنواع من السلاح منها الكلاشينكوف والمسدس وال(ار بي جي) و(البيكا) و مدافع عيار 14 و نصف .
و تشير مصادر خاصة لــتانيت برس أن جل هذه المعسكرات قد تم تشيدها بعد سقوط طرابلس بمساعدة لوجستية من القوات الخاصة القطرية و قد زارها أكثر من مرة العقيد الركن حمد بن عبدالله بن فطيس المري قائد القوات القطرية الخاصة و الملازم أول علي محمد السفران والملازم ثاني حمد عبد الله الشلاع والملازم حمد بن تويم المري.
وفي اتصال ببعض المقربين من أحد القيادات السلفية بليبيا يدعى أبو يحي بحجة رغبتنا في التوجه إلى سورية وبعد انتظار دام أكثر من أسبوع التقينا به على الحدود التونسية الليبية وحدثنا بحذر شديد عن الدرب التي سنسلكها حتى نصل سورية .
حيث يتم نقل المتطوع من الحدود بعد أن يدخل إلى ليبيا بصفة قانونية بحجة العمل طبعا بتزكية من الخلايا السلفية التونسية المرابطة على الجانب الأخر من الحدود، والتي علمنا من مصادرنا الخاصة أن قياداتها تتلقى وبصفة دورية حوالات بريدية من خلايا سلفية بفرنسا بقيمة 1500 و 2000 دينار لتأمين بعض المصاريف للشباب المتفرغ و العناصر المتطوعة.
ثم يتم نقله إلى معسكر بوسليم حيث يتلقى دورات في الرماية لمدة عشرين يوما على الأسلحة الخفيفة مثل الكلاشينكوف والمسدسات ثم يتم نقله إلى أنطاكيا في تركيا بالطائرة حيث يكون في استقباله أبو أحمد مسؤول قسم مجاهدي المغرب الإسلامي بجبهة نصرة الشام و هي الفرع السوري لتنظيم القاعدة لينتهي به الأمر في إحدى جبهات القتال في الداخل السوري .
في سياق مخطط جفري فيلتمان في تخليص حكومات الربيع العربي الاخوانية من أتباع التيار الجهادي و في إطار اتفاق غليون – عبد الجليل في عسكرة الثورة السورية و دعمها بالعديد و العتاد قام عبد الحكيم بالحاج أمير الجماعة الليبية المقاتلة بالاتصال بقيادات في حركة النهضة التونسية من اجل تجنيد الشباب التونسي الراغب في التوجه إلى جبهات القتال في سورية، وكانت مدينة جرجيس على الساحل الشرقي في الجنوب التونسي مسرحا للقاءات مارطونية بين رجل المهمات السرية داخل حركة النهضة و مستشار وزير العدل سيد الفرجاني و عبد الحكيم بالحاج من اجل ترتيب عمليات التجنيد و التمويل و التدريب.
من هو سيد الفرجاني
كان يحمل إسما حركيا ‘’الأمين ‘’ عسكري التكوين، كان سرجان أو وكيل في قوات سلاح الجو انتمى منذ سنة 1975الى مدرسة ضباط الصف بعد فشله في الحصول على شهادة البكالوريا، عمل طويلا في قاعدة سيدي أحمد العسكرية ببنزرت ثم تفرغ لنشاط جمع بين التهريب، وبين الإشراف على خلايا إستعلاماتية لفائدة الحركة .
كان أحد القائمين على شبكة التهريب التابعة للجهاز المالي لحركة الاتجاه الإسلامي في الثمانينات و قد خلف رجل المهمات في الخارج و الداخل محمد الصغير بكار حيث كان يسافر إلى باريس و فرانكفورت للتزود بالمال في شكل نقدي، وفي أشكال عينية عن طريق جلب سيارات محملة بالسلع يتم التفويت فيها بتونس لتمويل الحركة بالتنسيق مع ممثل الحركة في باريس الحبيب المكني، وذلك بالتعاون مع كامل غضبان الفلسطيني الأصل وعضو التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين، والمكلف بالتعامل مع الحركات الاخوانية في المغرب العربي.
و قد تطورت عمليات التهريب التي يقودها سيد الفرجاني حتى وصلت إلى السلاح فيفي شهر جانفي 1986 توجه إلى باريس بأمر من محمد شمام قائد الجهاز الخاص داخل حركة الاتجاه الإسلامي لتوريد 500 قنبلة غاز مشل للحركة كي يستعملها عناصر الجهاز في العمليات الخاصة، والإعتداءات ضد رجال الأمن و الخصوم السياسيين و داخل أسوار الجامعة خلال الصراع مع قوى اليسار الطلابي
غير أن أمر العملية قد تم كشفه من قبل الجهات المختصة، حين إعتقل رجل الأمن يوسف الهمامي الذي كان احد عناصر الجهاز الخاص للاتجاه الإسلامي .
و كان الفرجاني من أقطاب المجموعة الأمنية التي كانت تهم ليلة 8 نوفمبر 1987بالإعداد لانقلاب عسكري على الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة غير أن بن علي كان الأسبق إلى السلطة و أفشل مخطط الانقلاب بانقلاب أخر، وقد سافر الفرجاني إلى لندن في 20 أكتوبر 1987 موفدا من الجناح الخاص للحركة للقاء الدكتور صالح كركر أمير الحركة آنذاك لغاية الحصول على الفتوى الشرعية و البيان الانقلابي .
بعد الضربات الأمنية في بداية التسعينات فرّ الفرجاني لاجئا إلى ارويا و أصبح من حاشية رئيس الحركة راشد الغنوشي بل و تحول إلى رجل أعمال كبير في سياق استمرار مهماته السرية في إيجاد مصادر تمويل النشاط الحركي للتنظيم .
بعد 14 جانفي و بعد أن فر بن علي عاد الفرجاني إلى البلاد كغيره من قيادات حركة النهضة ليشغل خطة مستشارا لدى وزير العدل نور الدين البحيري، وليعود إلى شغل منصب رجل المهمات السرية داخل الحركة ليدخل على خط قضية رئيس الوزراء الليبي الأسبق البغدادي المحمودي الذي كان معتقلا في تونس و المطلوب من الدولة الليبية قفد فجر محام فرنسي في قضية البغدادي المحمودي قنبلة مفادها أن حركة النهضة شاركت عن طريق سيد الفرجاني في صفقة للضغط على المحمودي للكشف عن أرقام حسابات بنكية، وعن مصير مسؤولين ليبيين من النظام الليبي السابق، وذلك مقابل عمولة مالية ضخمة .و كان سيد الفرجاني المكلف بملف المحمودي في سجنه قبل الإعلان عن قرار تسليمه للسلطات الليبية.وقد تحول رفقة رئيس المخابرات الليبية سليم الحاسي إلى باريس يوم 5 ماي2012 الماضي، وأقاموا بفندق "جورج v " والتقوا بالمحامي الفرنسي سيكالادي المشرف على قضية المحمودي في مطعم "فوكي" وطلبوا منه عدم القيام بأي مبادرة مع مؤسسات دولية بخصوص القضية.
الطريق إلى دمشق يمر عبر مكاتب حركة النهضة
في أواخر شهر أوت الماضي نشر التلفزيون الرسمي السوري اعترافات لشاب تونسي يدعى محمد على بلحاج أحمدمن مواليد عام 1993يقر بانضمامه لمجموعة مسلحة تضم مقاتلين من تركمانستان وتونس وليبيا والكويت والسعودية وبتدريبهم وإرسالهم إلى سورية، والذي قال "عملت أنا والكثير من الشباب في فترة الانتخابات التونسية لمصلحة حزب النهضة وكنا نقوم بتوزيع قصاصات تتحدث عن اهتمامات الحزب وكنا نشارك في الحفلات التي كان يقيمها الحزب وفي التاسع من شهر ديسمبر 2011 من العام الجاري خرجت من تونس عبر معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس متجها إلى سورية "
و كانت أخر فصول المغامرات الفاشلة للشباب التونسي المغرر به على الأراضي السورية ما كشفت عنه في الأيام الأخيرة مصادر صحافية لبنانية نقلا عن مصادر قالت أنها موثوقة في العاصمة السورية أن "بعض القوى اللبنانية التي تتولى تسهيل دخول المقاتلين إلى سوريا أصيبت بنكسة جديدة عبر كمين أعدته الدولة السورية وربما بتنسيق مخابراتي، حيث أوقع المسئولون الامنيون السوريون في "الشرك"، غنيمة أصولية كبيرة من الطراز الأول وتعمل في بلاد المغرب العربي، وفتحت شهية واشنطن وبعض الدول الأوروبية لمعرفة أسماء هؤلاء، وإذا كان بينهم مطلوبون لواشنطن، حتى إن المخابرات المركزية الأميركية طلبت من روسيا معلومات بهذا الشأن".
وأكدت المعلومات أن "مسؤولا في تنظيم أصولي لبناني في الشمال هو الذي تولى فتح العلاقات مع المجموعة التونسية الليبية الأصولية وكان صلة الوصل بينهما، ويقدر عدد أفراد المجموعة بـ40 عنصرا، حتى أن المخابرات التونسية والليبية سهلت مهمة التواصل بين هؤلاء والقوة اللبنانية شرط انتقالهم إلى سوريا ووقف نشاطهم في ليبيا وتونس".
اللافت و الغريب و غير المفسر في كل ما يجري لماذا تقف الحكومة التونسية موقف الحياد دون أن تحرك الأجهزة الأمنية ساكنا سؤال يمكن أن تجيب عنه بعض الأصوات التي اتهمت حركة النهضة الحاكمة بالتورط في تجنيد أو بمساعدة هؤلاء الشباب من أجل الالتحاق بالجماعات المسلحة المعارضة بسورية .
اللافت و الغريب و غير المفسر في كل ما يجري لماذا تقف الحكومة التونسية موقف الحياد دون أن تحرك الأجهزة الأمنية ساكنا سؤال يمكن أن تجيب عنه بعض الأصوات التي اتهمت حركة النهضة الحاكمة بالتورط في تجنيد أو بمساعدة هؤلاء الشباب من أجل الالتحاق بالجماعات المسلحة المعارضة بسورية .
و قد كشفت صحيفة الحقيقة السورية المعارضة في المدة الماضية و نقلا عن مصدر ديبلوماسي تونسي في لندن أن "حركة النهضة" أنشأت مراكز للتطوع غير معلن عنها رسميا في العديد من مكاتبها في تونس ، لا سيما وجنوب شرق البلاد، من أجل تجنيد التونسيين للقتال في سوريا. وأكد المصدر أن الأمر"جرى بالتنسيق مع السفير القطري في تونس سعد بن ناصر الحميدي".
و ما يزيد صدق الشكوك حول ضلوع حركة النهضة الإسلامية في خلق و دعم شبكات تجنيد الشباب التونسي للالتحاق بجبهات القتال المستعرة في سورية اللقاء السري الذي جمع زعيم النهضة راشد الغنوشي، وقائد ما يسمى بالجيش السوري الحر العقيد المنشق رياض الأسعد في 17 نوفمبر الماضي في مطار اسطنبول و عدد من قادة ما يسمى "الجيش الحر" ممن يحملون رتبا مختلفة كانوا بدورهم في نفس المطار .
و كان الغنوشي عائدا من الخرطوم بعد مشاركته في مؤتمر الحركة الإسلامية في السودان. و ذكرت مصادر في حزب النهضة أن الحديث جرى حول الثورة السورية وضرورة اتساعها وقبولها بمختلف مكونات الشعب السوري، والبحث عن نقاط التوافق والالتقاء بين جميع الأطراف المنخرطة في المقاومة من اجل وضع حدّ للمجازر التي يمارسها النظام القاتل في حق شعبه حسب تعبير ذات المصادر.
إلى جانب النشاط المحموم الذي تقوم به العشرات من الجمعيات المتواجدة على التراب التونسي و التي كونها أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين السورية بالتعاون مع أطراف اخوانية تونسية هدفها الظاهر إغاثة و نصرة الشعب السوري، أما أهدافها الخفية فتمد بين جمع التبرعات و الهبات المالية لفائدة العصابات المسلحة إلى تجنيد الشباب للتوجه إلى سورية من اجل الالتحاق بالجبهة و تقديم الدعم الطبي و اللوجستي إلى أفراد "الجيش الحر " و جبهة النصرة " و بقية المجاميع الجهادية المقاتلة في سورية و ذلك عن طريق الأراضي التركية .
على صعيد أخر ذكر موقع " أفريكان مانجر التونسي " أن أحد المتطوعين للقتال في سوريا كشف أن المنظمة الحقوقية "حرية وإنصاف" تساعد على إرسال مقاتلين عبر وسطاء ل"الجهاد" ووصف هذه المنظمة ب"الشق الشيعي" لحزب النهضة الذي يترأس الحكم في تونس حاليا، وجاء في حوار نشره "المشهد التونسي" يوم الأحد 7 تشرين الأول مع مواطن تونسي تحول سوريا للقتال بعد مروره على غزة، أن منظمة حرية وإنصاف التي تترأسها إيمان الطريقي، هي من ساعدت على سفره للقتال.
وقال المتطوع التونسي مروان الصادقي في الحوار أن سفره جاء " بترتيب من جمعيات عربية و بتنسيق مع ناشطين تونسيين منها منتمين لجمعية وهي منظمة حرية و إنصاف"، معتبرا أن هذه المنظمة تمثّل “الشق الشيعي" لحزب النهضة من دون أن يطلب منه الصحافي الذي حاوره توضيح هذه الملاحظة، وقال المتطوع التونسي إنه تمكن مع آخرين من العبور إلى غزة عبر الأنفاق في معبر رفح وتم معاملتهم كسياح من قبل أطراف من حماس، الذين اكتفوا بتمكينهم من أخذ صور معهم ثم طلبوا منهم العودة إلى بلدانهم وخدمة القضية الفلسطينية من هناك.
وكشف أن "الشخص المنتمي لمنظمة "حرية و إنصاف" الذي يقوم بالوساطة مع “الشيخ ابو محمود” الذي يشتغل في وزارة الأوقاف الفلسطينية، طلب إخراجهم و إعادتهم إلى تونس". ولم يذكر هذا المتطوع تفاصيل التنسيق مع ممثل حرية وإنصاف للتحول إلى سوريا ودورها في محطتهم الثانية، مكتفيا بالقول إن مجموعته قررت استمرار رحلتها إلى سوريا للقتال مع الجيش الحر ضد النظام السوري مرورا بتركيا. وتُعرف منظمة حرية وإنصاف بدفاعها الشرس عن الناشطين الإسلاميين حتى منهم المورطين في عمليات ضد أمن الدولة.
وفي ذات السياق كانت "تانيت برس" قد نشرت صورا للمدون أيمن بن عمار الذي يعمل بتلفزيون الانترنت "تواصل تي في" ذات التوجهات النهضاوية و أحد أفراد مليشية رابطة حماية الثورة بالكرم – الذراع النهضاوي–و هو يعتدي بالعصي على النقابيين في الذكرى الستين للاحتفال باستشهاد الزعيم الوطني و النقابي فرحات حشاد.
ليتضح فيما بعد و من خلال البحث في حسابه الشخصي على الشبكة الاجتماعية أن أيمن بن عمار كان يقاتل في صفوف تنظيم " جبهة نصر الشام" الفرع السوري لتنظيم القاعدة بسورية و قد نشر في شهر أوت الماضي صورا له في مدينة "حلب الجريحة" حسب تعبيره كان إحداها بتاريخ 16 أوت 2012 – أي اثر عودته إلى تونس - و هو يحمل بندقية رشاش من نوع كلاشنكوف .
اللافت في الأمر أن الحكومة التونسية لم تحاكم أيا من العائدين من جبهات القتال في سورية رغم و أن القانون الجنائي التونسي يعاقب بالسجن كل شخص ينتمي إلى تنظيم إرهابي أجنبي في الخارج.
و لكن أبلغ موقف عبرت عنه حكومة النهضة من كل ما يجري قول السيد رئيس الحكومة بأن "هذا ليس جديدا، الشباب التونسي تحول إلى كل مكان (للقتال) كالعراق وأفغانستان والصومال" بكل هذه اللامبالاة علق سيادته عن عملية القتل الممنهج التي يتعرض لها شباب مغرر به .
النهضة و تجنيد الشباب لساحات القتال :التاريخ يعيد نفسه كمأساة
هي ليست المرة الأولى التي تنخرط فيها حركة النهضة في مشاريع تجنيد الشباب التونسي و الدفع به لجبهات القتال ففي ثمانينات القرن الماضي انخرطت الحركة في مشروع ‘’ عسكرة الشباب الاسلامي ‘’الذي أطلقه المنظر الاخواني عبد الله عزام في الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفياتي و ذلك بغطاء من العاهل السعودي فهد بن عبد العزيز أل سعود و الملك الأردني الحسين بن طلال و دعم أمريكي بالسلاح و المعلومات في إطار الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي و المعسر الاشتراكي.
في كل هذا الخضم شاركت النهضة بـأمر من التنظيم العالمي لجماعة الإخوان في هذه الجهود من خلال إرسال العشرات من الشباب التونسي إلى بيشاور، وهي القاعدة الخلفية للمجاهدين الأفغان ومقر مكتب الخدمات الذي أسسه عبد الله عزام و قد قام راشد الغنوشي رئيس الحركة بزيارة إلى هذا المركز خلال سنتي 1989 و 1991 و التقى قيادات العمل الجهادي آنذاك كبرهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار و عبد الله عزام و أحمد شاه مسعود وأسامة بن لادن الذي كان قد أسس معسكر المأسدة بعد خلاف منهجي مع عزام .
و بدأت الحركة في إرسال شبابها الملاحق امنيا إلى الساحة الأفغانية و كان في مقدمة هؤلاء بعض المتورطين في قضية المجموعة الأمنية و قد تحدث المنظر الجهادي و احد قيادات تنظيم القاعدة أبو مصعب السوري في مذكراته عن بعض هؤلاء التونسيين الذين تكونت منهم فيما بعد النواة الأولى لما بات يعرف بالجماعة التونسية المقاتلة، والتي كان أميرها سيف الله بن حسين المكني بأبي عياض أمير تنظيم أنصار الشريعة حاليا.
و بالتوازي مع ذالك فقد برز تنظيم الجبهة الإسلامية التونسية كأحد أذرع حركة النهضة بقيادة محمد علي حراث سنة 1988 قبل أن يفر حراث إلى لندن عام 1990 من حملة المداهمات والاعتقالات التي طالت رموز التيار الإسلامي بمختلف فصائله آنذاك سيرا على الأقدام إلى الجزائر، ثم سافر إلى باكستان ومنها إلى يوغسلافيا وألمانيا قبل أن يستقر به المقام في العاصمة البريطانية بعد هرب معه نحو 200 من قيادات الجبهة الإسلامية معظمهم موجودون في الدول الأوربية .
وكان حراث قد بدأ حياته الدراسية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ليعود سنة 1987 ليقع اعتقاله في شهر مارس بتهمة التدرب على السلاح في إيران بنية تغيير أمن الدولة، ولكن إنقلاب بن علي أدى إلى حفظ القضية سنة 88 من طرف القاضي وفي سنة 1989 أعيد اعتقاله من قبل أمن الدولة بتهمة إيواء الليبيين الفارين من القذافي منهم وكيل وزارة الدفاع الحالي وكذلك عبد الحكيم بلحاج رئيس المجلس العسكري بطرابلس و زعيم الجماعة الإسلامية المقاتلة سابقا.
و أشرف حراث على عمليات التجنيد الى افغنستان من خلال احد عناصر الجبهة عبد الله الحاجي المقيم في بيشاور تحت غطاء التجارة و عبد الله ألحاجي من مواليد تونس عام 1956 من مؤسسي الجبهة غادر تونس سنة 1990 .
وفي عام 1995 أدانته محكمة عسكرية تونسية غيابيا بالانتماء إلى منظمة إرهابية تعمل خارج البلاد والدليل الوحيد على ذلك هو إفادة قدمها إلى الشرطة احد المتهمين التسعة عشر في قضية للجبهة عام 1993 والتي أكد فيها أن الحاجي كان يتولى مركزا قياديا في الجبهة الإسلامية وذلك أثناء وجوده في باكستان.
أعتقل سنة 2002 من قبل الأمن الباكستاني في بيشاور و الذي سلمه للولايات المتحدة الأمريكية ليتم إيداعه بمعتقل غوانتنامو حيث قضى خمس سنوات وفي 18 جوان 2007 تم ترحيله إلى تونس على متن طائرة عسكرية أمريكية حيث تم احتجازه بمقر أمن الدولة
بوز