ماذا ينتظرنا لو سقطت سوريا ؟
أوقات الشام
زينب الطحان
هل طرْحنا افتراض “ماذا ينتظرنا لو سقطت سوريا في محور أميركا وإسرائيل؟” ما زال مسوّغاً أمام النصر الاستراتيجي للجيش السوري العربي باستعادة مدينة القصير من قبضة المسلحين والمرتزقة أو ما يسمونها “المعارضة السورية”، أو “جبهة النصرة” أو “الجيش السوري الحر” .. وتكثر التسميات.. ؟!!.. العاقل الحذق، هو الذي يعرف، إنه بانتصاراته يصبح مستهدفاً أكثر من قبل، فيبقى متيقظاً ولا يسترخي مع فرحة الانتصار مهما كانت عظيمة.. من هنا ما زال الإفتراض المنطقي الذي طرحه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير “لو سقطت سوريا .. تضيع فلسطين للأبد”.. مطروحاً وجدياً إلى أبعد الحدود..
لا نريد الغوص هنا في الحديث عن السياسة وكواليسها إنما نطرح التساؤل الإفتراضي، مع سماحة السيد، من بابه العريض والأساسي وهو الخلفية الثقافية والفكرية التي ترسم السياسات وتحرك الأحداث في العالم، إذ نحن أمام ما يسميها الإمام السيد علي الخامنئي “الحرب الناعمة”، وفيها محوران. محور الاستكبار الإمبريالي، الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية، ضد محور المقاومة والمواجهة في سبيل السيادة الوطنية والحفاظ على الهوية العربية والإسلامية، والتي تشكّل الجمهورية الإسلامية في إيران وسوريا والمقاومة في لبنان الركيزة الأساسية فيه، إلى جانب روسيا والصين.
لماذا محور المواجهة للحفاظ على السيادة الوطنية والقومية والهوية الإسلامية؟!.. لماذا دائماً كانت الهويات الثقافية والوطنية هي المستهدفة من قبل الاستعمار القديم، واليوم من قبل الإمبريالية الحديثة ؟!..لقد أثبتت التجربة التاريخية، إلى جانب الدراسات البحثية في علم الإنثروبولجيا والإنسان، أن فرض السيطرة والهيمنة على شعب ما وأرضه لا يمكن أن يتحقق بالقتال والحروب العسكرية فحسب، بل لا بد لها لكي تيّشد دعائم هذه السيطرة وتحكم قواعد بنيانها عليها أن تبدأ مع تفتيت القناعات الذاتية بالقدرة المحلية، وعدم تمكن ثقافتها وحضارتها من السير قدماً، في الوقت نفسه الذي يروّج بنشر وتعميم حضارة المستعمر وثقافته لتمكّنه من السيطرة على البلد المستهدف. وهذا بالضبط ما تدأب أميركا على فعله، منذ قطفها للانتصار في الحرب العالمية الثانية، في القرن العشرين، ومباشرتها في فرض سيطرتها على بلدان ما أسمته الصهيونية “الشرق أوسطية”.
ستسود الثقافة التكفيريّة التي هي إسرائيليات حديثة :
وهذا ليس سراً نذيعه، أو أمراً مستوراً نميط عنه اللثام، وإنّما هو حقيقة معلنة لا يتوانى المسؤولون الأميركيون عن الاعتراف بها، وهم يصرّحون ويجاهرون بأنّ هدفهم نقل النموذج الأميركي إلى سائر أقطار الأرض!! وهم يعملون على تضليل شعوب العالم على خلفيّة شعارات برّاقة، ظاهرها خير وحقّ، ولكنّ ما يُراد بها ليس إلّا استعباد الشعوب واستعمار الأرض، مثل شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان والعولمة والديموقراطية ونحوها من شعارات الخداع والتضليل.
فـ”لو سقطت سوريا” في المحور الأميركي – الإسرائيلي والتكفيري ما هي الخسارة الثقافية والحضارية الكبرى للأمة ؟!
الدكتور والباحث علي زيتون، يؤكد لـ”موقع المنار” أن “الصراع في سوريّا صراع بين ثقافتين، ثقافة من احتُلّت أرضُه في ظروف عالميّة مساعدة للمحتَلّ بدءا من العام 1948 مرورا بالعام 1967 وحتى الآن، وثقافة هذه ظروفها هي ثقافة إنسانيّة بالطبع.تحرّم الاستيلاء على أرض الآخرين، وتؤمن بحقّ أيّ شعب باسترداد ما اغتُصِب من أرضه. هذه الثقافة دفعت النظام السوري ليقف مع حقّ الفلسطينيين باسترداد وطنهم وليدعم فصائلهم المقاومة، وليقف مع حقّ الشعب اللبناني بتحرير أرضه وليدعم مقاومته الاسلاميّة. أمّا الثقافة التي يواجهها النظام السوري فهي الثقافة التكفيريّة التي تبيح مال من يخالفهم الموقف أو الرأي ودمه وعرضه. وهذه الثقافة نتاج غربيّ، أو هي اسرائيليّات حديثة تستهدف، من حيث المآرب الغربيّة، تحطيم الاسلام نفسه من جهة، وتأمين المصالح الاسرائيليّة من جهة أخرى. وذلك من خلال إبدال العدوّ. فهو عند التكفيريّين كلّ مخالف، وهذا ما يسمح بتحوّل الاسرائيليّ الى صديق داعم. إنّ سقوط سوريّا هو سيادة للثقافة التفكيكيّة الغربية التي ترى أنّ العقل ليس مرجعا صالحا لتحديد الخطأ من الصواب. هذه الثقافة التي انتجت فكرة الشرق الاوسط الكبير. ويعني ذلك تأجيل تحرير فلسطين الى أمد غير منظور”.
فكرة الشرق الأوسط الجديد، وكما برهن شريط وثائقي عرض منذ أيام على قناة الميادين، أنها ليست بالفكرة الجديدة حين أعلنت عنها وزيرة الخارجية الأميركية غوندليزا رايس في حرب العدو الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، بل هي منذ تسعينيات القرن الماضي حين قوي عود المقاومة في لبنان، وبدأت ملامح ثقافة المقاومة تترسخ في لبنان وفلسطين تحديدا، لأنها تعني بالنسبة إليهم تهديداً قوياً لبقاء “إسرائيل” في منطقتنا في المستقبل. وكان التهديد الوحيد الذي بقي بعد انكسار العراق تمثّل في إيران وسوريا، ومنذ التسعينيّات وحتّى وقتنا هذا والعمل قائم ـ على قدمٍ وساق ـ على وضع الخطط والمؤامرات لإسقاط النظام في كلٍّ من سوريا وإيران، انطلاقاً من حقيقة أنّ الخلاص منهما يمهّد السبيل للإدارة الأميركيّة للسيطرة على كلّ مناطق آسيا الوسطى، ولمحاصرة سوريا والصين وخنق قوّتهما ونفوذهما في المنطقة، ليتسنّى لها، وللكيان الصهيوني، بعد خنق هاتين القوّتين أن تحقّق مآربهما وأطماعهما وتطلّعاتهما وأحلامهما ببسط النفوذ والسيطرة كاملاً بلا منازع ولا رقيب.
“فالسؤال المطروح لا يعود مطروحاً إذا سقطت سوريا”، هذا ما يراه الباحث والدكتور محمد أبو علي في حديثه لموقع المنار، لأن المسألة برأيه “تتعدى احتساب الخسائر والأرباح، فهي تتعلّق بكينونة خطّ المقاومة. سوريا في هذا السياق ليست جغرافيا فحسب، بل هي تخوم تاريخيّة ما بين مشروع يحمل رؤية نهضويّة، وآخر يحمل قبراً مزيّناً بفسيفساء المذهبيّة والعرقيّة، يدفن في ثناياه كلّ الصبوات المشروعة والأماني المحقّة”. من هنا كان هذا التخطيط والتآمر على سوريا ولبنان، وذلك لأن ” ذنب المقاومة في لبنان أنّها تجاوزت ردّة الفعل، لتصبح فعلاً يؤسّس في العقل والقلب مشروعًا منهجيًّا لمحاربة الاستكبار وأهله؛ كما تجاوزت حدود لبنان، لتصبح حلًّا لكل الطامحين إلى الحريّة في الجولان، وسائر البقاع. على يقين أنا ، أنّ هذه الشعلة ستبقى عصيّة على الانطفاء، لأن قنديلها إلهيّ، وزيتها من مدد السماء”.
ولكن إذا ما حدث هذا “الشر المشار إليه في السؤال”، وفق تعبير رئيس اتحاد الكتّاب العرب، الكاتب والروائي الفلسطيني حسن حميد (لم يترك دمشق رغم الأحداث الصعبة فيها) لموقع المنار، “فإن الخسارة سوف تكون جسيمة جداً، وباهظة جداً، وهو ما يعني أن زمناً أسود سيسود هذه البلاد .. بلاد الحضارة والمعرفة والجمال والكرامة والمجد … وسنتحول إلى مرتع لإتباع الصهيونية تغرقنا بالتخلف والتبعية وتبيع وتشتري فينا كما يحلو لها.. وبهذه الحال لا تضيع فلسطين فقط بل تذهب معها معنى الكينونة للهوية العربية ونذوب الأجيال القادمة بشكل تنسى معها أنها عربية، سواء كانت مسلمة أو مسيحية”.
استكمال “سايكس – بيكو” نحو شرق أوسط مؤلف من دويلات طائفية :
هذه الرؤية المتوقعة تقودنا إلى سؤال آخر، هل يعني سقوط سوريا في هذا المحور، استكمالا للمؤامرة التاريخية الكبرى التي عرفت باسم سايكس بيكو؟.. الباحث والكاتب وليد محمد علي، مدير مركز باحث، يجيب موقع المنار أنه” بات واضحا منذ عدة سنوات أن صلاحية ترتيبات الحرب العالمية (الأولى، الثانية) ، التي تم تنفيذها عبر تطبيق اتفاقية سايكس بيكو، وتنفيذ وعد بلفور، لم تعد صالحة. فالدولة القطرية، وصلت إلى مأزقها التاريخي وباتت عاجزه على إدارة أزمات دولها. وذلك لأن خيار المقاومة منع الكيان الصهيوني من القيام بدوره الوظيفي كثكنة عسكرية متقدمه للإستكبار العالمي. المخرج كان بمشروع الشرق الأوسط الجديد. وهذا كان يتطلب “تسوية” للقضية فلسطين. وطبيعة المشروع الصهيوني لا تسمح بـ”تسوية” تعطي للفلسطينين الحد الأدنى من حقوقهم. كما أن العلاقة العضوية بين أميركا والكيان، لا تسمح بالضغط عليه، فلم يكن من خيار أمامهم الا صيغه “تصفية” للقضيه الفلسطينية. وهذا ليس ممكنا الا بضرب محور المقاومة بإغراء دمشق وغيرها. وبعد فشل الاغراء ذهبوا إلى تدمير سوريا، لاسقاط نظام بشار الاسد. الامر الذي يعني توجيه ضاربه قاسية جدا لخيار المقاومة بما يسهل تصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم خريطة المنطقة في اطار مشروع الشرق الاوسط الجديد”.
هل طرْحنا افتراض “ماذا ينتظرنا لو سقطت سوريا في محور أميركا وإسرائيل؟” ما زال مسوّغاً أمام النصر الاستراتيجي للجيش السوري العربي باستعادة مدينة القصير من قبضة المسلحين والمرتزقة أو ما يسمونها “المعارضة السورية”، أو “جبهة النصرة” أو “الجيش السوري الحر” .. وتكثر التسميات.. ؟!!.. العاقل الحذق، هو الذي يعرف، إنه بانتصاراته يصبح مستهدفاً أكثر من قبل، فيبقى متيقظاً ولا يسترخي مع فرحة الانتصار مهما كانت عظيمة.. من هنا ما زال الإفتراض المنطقي الذي طرحه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير “لو سقطت سوريا .. تضيع فلسطين للأبد”.. مطروحاً وجدياً إلى أبعد الحدود..
لا نريد الغوص هنا في الحديث عن السياسة وكواليسها إنما نطرح التساؤل الإفتراضي، مع سماحة السيد، من بابه العريض والأساسي وهو الخلفية الثقافية والفكرية التي ترسم السياسات وتحرك الأحداث في العالم، إذ نحن أمام ما يسميها الإمام السيد علي الخامنئي “الحرب الناعمة”، وفيها محوران. محور الاستكبار الإمبريالي، الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأميركية، ضد محور المقاومة والمواجهة في سبيل السيادة الوطنية والحفاظ على الهوية العربية والإسلامية، والتي تشكّل الجمهورية الإسلامية في إيران وسوريا والمقاومة في لبنان الركيزة الأساسية فيه، إلى جانب روسيا والصين.
لماذا محور المواجهة للحفاظ على السيادة الوطنية والقومية والهوية الإسلامية؟!.. لماذا دائماً كانت الهويات الثقافية والوطنية هي المستهدفة من قبل الاستعمار القديم، واليوم من قبل الإمبريالية الحديثة ؟!..لقد أثبتت التجربة التاريخية، إلى جانب الدراسات البحثية في علم الإنثروبولجيا والإنسان، أن فرض السيطرة والهيمنة على شعب ما وأرضه لا يمكن أن يتحقق بالقتال والحروب العسكرية فحسب، بل لا بد لها لكي تيّشد دعائم هذه السيطرة وتحكم قواعد بنيانها عليها أن تبدأ مع تفتيت القناعات الذاتية بالقدرة المحلية، وعدم تمكن ثقافتها وحضارتها من السير قدماً، في الوقت نفسه الذي يروّج بنشر وتعميم حضارة المستعمر وثقافته لتمكّنه من السيطرة على البلد المستهدف. وهذا بالضبط ما تدأب أميركا على فعله، منذ قطفها للانتصار في الحرب العالمية الثانية، في القرن العشرين، ومباشرتها في فرض سيطرتها على بلدان ما أسمته الصهيونية “الشرق أوسطية”.
ستسود الثقافة التكفيريّة التي هي إسرائيليات حديثة :
وهذا ليس سراً نذيعه، أو أمراً مستوراً نميط عنه اللثام، وإنّما هو حقيقة معلنة لا يتوانى المسؤولون الأميركيون عن الاعتراف بها، وهم يصرّحون ويجاهرون بأنّ هدفهم نقل النموذج الأميركي إلى سائر أقطار الأرض!! وهم يعملون على تضليل شعوب العالم على خلفيّة شعارات برّاقة، ظاهرها خير وحقّ، ولكنّ ما يُراد بها ليس إلّا استعباد الشعوب واستعمار الأرض، مثل شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان والعولمة والديموقراطية ونحوها من شعارات الخداع والتضليل.
فـ”لو سقطت سوريا” في المحور الأميركي – الإسرائيلي والتكفيري ما هي الخسارة الثقافية والحضارية الكبرى للأمة ؟!
الدكتور والباحث علي زيتون، يؤكد لـ”موقع المنار” أن “الصراع في سوريّا صراع بين ثقافتين، ثقافة من احتُلّت أرضُه في ظروف عالميّة مساعدة للمحتَلّ بدءا من العام 1948 مرورا بالعام 1967 وحتى الآن، وثقافة هذه ظروفها هي ثقافة إنسانيّة بالطبع.تحرّم الاستيلاء على أرض الآخرين، وتؤمن بحقّ أيّ شعب باسترداد ما اغتُصِب من أرضه. هذه الثقافة دفعت النظام السوري ليقف مع حقّ الفلسطينيين باسترداد وطنهم وليدعم فصائلهم المقاومة، وليقف مع حقّ الشعب اللبناني بتحرير أرضه وليدعم مقاومته الاسلاميّة. أمّا الثقافة التي يواجهها النظام السوري فهي الثقافة التكفيريّة التي تبيح مال من يخالفهم الموقف أو الرأي ودمه وعرضه. وهذه الثقافة نتاج غربيّ، أو هي اسرائيليّات حديثة تستهدف، من حيث المآرب الغربيّة، تحطيم الاسلام نفسه من جهة، وتأمين المصالح الاسرائيليّة من جهة أخرى. وذلك من خلال إبدال العدوّ. فهو عند التكفيريّين كلّ مخالف، وهذا ما يسمح بتحوّل الاسرائيليّ الى صديق داعم. إنّ سقوط سوريّا هو سيادة للثقافة التفكيكيّة الغربية التي ترى أنّ العقل ليس مرجعا صالحا لتحديد الخطأ من الصواب. هذه الثقافة التي انتجت فكرة الشرق الاوسط الكبير. ويعني ذلك تأجيل تحرير فلسطين الى أمد غير منظور”.
فكرة الشرق الأوسط الجديد، وكما برهن شريط وثائقي عرض منذ أيام على قناة الميادين، أنها ليست بالفكرة الجديدة حين أعلنت عنها وزيرة الخارجية الأميركية غوندليزا رايس في حرب العدو الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، بل هي منذ تسعينيات القرن الماضي حين قوي عود المقاومة في لبنان، وبدأت ملامح ثقافة المقاومة تترسخ في لبنان وفلسطين تحديدا، لأنها تعني بالنسبة إليهم تهديداً قوياً لبقاء “إسرائيل” في منطقتنا في المستقبل. وكان التهديد الوحيد الذي بقي بعد انكسار العراق تمثّل في إيران وسوريا، ومنذ التسعينيّات وحتّى وقتنا هذا والعمل قائم ـ على قدمٍ وساق ـ على وضع الخطط والمؤامرات لإسقاط النظام في كلٍّ من سوريا وإيران، انطلاقاً من حقيقة أنّ الخلاص منهما يمهّد السبيل للإدارة الأميركيّة للسيطرة على كلّ مناطق آسيا الوسطى، ولمحاصرة سوريا والصين وخنق قوّتهما ونفوذهما في المنطقة، ليتسنّى لها، وللكيان الصهيوني، بعد خنق هاتين القوّتين أن تحقّق مآربهما وأطماعهما وتطلّعاتهما وأحلامهما ببسط النفوذ والسيطرة كاملاً بلا منازع ولا رقيب.
“فالسؤال المطروح لا يعود مطروحاً إذا سقطت سوريا”، هذا ما يراه الباحث والدكتور محمد أبو علي في حديثه لموقع المنار، لأن المسألة برأيه “تتعدى احتساب الخسائر والأرباح، فهي تتعلّق بكينونة خطّ المقاومة. سوريا في هذا السياق ليست جغرافيا فحسب، بل هي تخوم تاريخيّة ما بين مشروع يحمل رؤية نهضويّة، وآخر يحمل قبراً مزيّناً بفسيفساء المذهبيّة والعرقيّة، يدفن في ثناياه كلّ الصبوات المشروعة والأماني المحقّة”. من هنا كان هذا التخطيط والتآمر على سوريا ولبنان، وذلك لأن ” ذنب المقاومة في لبنان أنّها تجاوزت ردّة الفعل، لتصبح فعلاً يؤسّس في العقل والقلب مشروعًا منهجيًّا لمحاربة الاستكبار وأهله؛ كما تجاوزت حدود لبنان، لتصبح حلًّا لكل الطامحين إلى الحريّة في الجولان، وسائر البقاع. على يقين أنا ، أنّ هذه الشعلة ستبقى عصيّة على الانطفاء، لأن قنديلها إلهيّ، وزيتها من مدد السماء”.
ولكن إذا ما حدث هذا “الشر المشار إليه في السؤال”، وفق تعبير رئيس اتحاد الكتّاب العرب، الكاتب والروائي الفلسطيني حسن حميد (لم يترك دمشق رغم الأحداث الصعبة فيها) لموقع المنار، “فإن الخسارة سوف تكون جسيمة جداً، وباهظة جداً، وهو ما يعني أن زمناً أسود سيسود هذه البلاد .. بلاد الحضارة والمعرفة والجمال والكرامة والمجد … وسنتحول إلى مرتع لإتباع الصهيونية تغرقنا بالتخلف والتبعية وتبيع وتشتري فينا كما يحلو لها.. وبهذه الحال لا تضيع فلسطين فقط بل تذهب معها معنى الكينونة للهوية العربية ونذوب الأجيال القادمة بشكل تنسى معها أنها عربية، سواء كانت مسلمة أو مسيحية”.
استكمال “سايكس – بيكو” نحو شرق أوسط مؤلف من دويلات طائفية :
هذه الرؤية المتوقعة تقودنا إلى سؤال آخر، هل يعني سقوط سوريا في هذا المحور، استكمالا للمؤامرة التاريخية الكبرى التي عرفت باسم سايكس بيكو؟.. الباحث والكاتب وليد محمد علي، مدير مركز باحث، يجيب موقع المنار أنه” بات واضحا منذ عدة سنوات أن صلاحية ترتيبات الحرب العالمية (الأولى، الثانية) ، التي تم تنفيذها عبر تطبيق اتفاقية سايكس بيكو، وتنفيذ وعد بلفور، لم تعد صالحة. فالدولة القطرية، وصلت إلى مأزقها التاريخي وباتت عاجزه على إدارة أزمات دولها. وذلك لأن خيار المقاومة منع الكيان الصهيوني من القيام بدوره الوظيفي كثكنة عسكرية متقدمه للإستكبار العالمي. المخرج كان بمشروع الشرق الأوسط الجديد. وهذا كان يتطلب “تسوية” للقضية فلسطين. وطبيعة المشروع الصهيوني لا تسمح بـ”تسوية” تعطي للفلسطينين الحد الأدنى من حقوقهم. كما أن العلاقة العضوية بين أميركا والكيان، لا تسمح بالضغط عليه، فلم يكن من خيار أمامهم الا صيغه “تصفية” للقضيه الفلسطينية. وهذا ليس ممكنا الا بضرب محور المقاومة بإغراء دمشق وغيرها. وبعد فشل الاغراء ذهبوا إلى تدمير سوريا، لاسقاط نظام بشار الاسد. الامر الذي يعني توجيه ضاربه قاسية جدا لخيار المقاومة بما يسهل تصفية القضية الفلسطينية، وإعادة رسم خريطة المنطقة في اطار مشروع الشرق الاوسط الجديد”.
وفي رؤية عميقة لجانب آخر للجواب على هذا السؤال، يؤكد الدكتور والباحث عصام نور الدين موقع المنار، إنه بالإضافة إلى ضياع فلسطين والقضية الفلسطينة إلى الأبد وهذا ما أشار إليه سيد المقاومة، يحتّم أيضاً سقوط سايكس – بيكو سقوطاً صهيونياً رجعياً، وتقسيم الوطن العربي والبلاد الإسلامية إلى دويلات طائفية أو مذهبية أو عرقية أو جهوية، بما يبرر قيام الدولة اليهودية الصافية من النيل إلى الفرات وطرد العرب والمسلمين والمسيحيين، أو إبادتهم جسدياً بحجج مختلفة .
وهذا يعني أيضاً، والكلام للدكتور نور الدين “سيادة مشيخات العهد الصيهوني (المملكة السعودية ، المملكة الهاشمية، المملكة الحمدية، المملكة المرسية … الخ) في بلاد ما بعد ” إسرائيل الكبرى” وضياع الهوية العربية وامحاؤها”. والأخطر من هذا كله، يتابع نور الدين هو “اختفاء التفاعل الحضاري والثقافي والإنساني الفريد من نوعه في العالم، واختفاء منهج العيش الواحد بين البشر، وانتشار الفقه التكفيري الذي يلغي الآخر ويحكم بإعدامه أو أكل قلبه وكبده أو قطع رأسه، أو تقطيع جسده، أو شوي رأسه وأطرافه، أو أكله نيئاً او مشوياً أو مقلياً .. وتبخر الإسلام والمسيحية، والعودة بالإنسان إلى ما قبل عصر الكهوف”.
سيفرغ الإسلام من مضمونه الفكري والإنساني وبالتالي إبعاده عن الحياة :
وفي السياق نفسه يرى الباحث التاريخي الدكتور حسن جابر أن الخسارة الثقافية والحضارية في حال سقوط سوريا وانتقالها إلى المحور الأميركي – الإسرائيلي سيكون مضاعفاً ؛ لإعتبارين اثنين :
١ – الخسارة الواقعة، راهنآ، جراء التشوهات التي يحدثها كل يوم ما يعرف بالتيار السلفي الممول من أنظمة حكم تمارس أدوارآ مريبة، أقل ما يقال عنها أنها تتعمد تقديم مشهد منفر عن الإسلام تزيد من ترسيخ الصورة النمطية التي سعى الغرب جاهدآ لتعميمها .
فالإسلام الذي يقدمه لنا القرآن الكريم على أنه دين الفطرة الإنسانية “ذلك الدين القيم ” والذي يرشد إلى قيم : العدل، والحرية، والكرامة وتكافؤ الفرص …. والذي جعل رفع الإصر والأغلال، مقصدا وطريقا لا بد منه لممارسة الإستخلاف في الأرض وعمارتها لإستحالة تفجير الطاقات الكامنة في الإنسان خارج مناخ الحرية. إذ لا إبداع مع القهر بل لا إنسانية دون إرادة حرة. فالسلفية التي تنظر إلى الحقيقة على أنها أمر متنجز وليست صيرورة وعي متفتح، هي في الواقع المكافئ الموضوعي للجمود. ويتابع الدكتور جابر أنه “لقد أفرغ هؤلاء السلفيون الإسلام من مضمونه الإيماني حين حولوه إلى هوية جوفاء تؤثر الشكل على المضمون والعنوان على التقوى وراحوا يبحثون على آحاد الأحاديث وتركوا صريح القرآن ” ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين”. فالقرآن هو كتاب كشف عن المتقين من خلال الإبتلاء ” ليبلوكم أيكم أحسن عمل”.
ويصل جابر إلى استنتاج يؤكد فيه ” إذاً، ثمة تشويه فاضح للدين يرتقي إلى مستوى الكارثة، وسقوط سوريا بيد هؤلاء وأسيادهم سيقضي على أي محاولة للتصحيح. ما نخشاه أن يمهد هؤلاء لبروز ظواهر قد تفاجئنا في المستقبل القريب يشرع فيها الناس بالتساؤل عن صلاحية هذا الدين كما يحدث اليوم في الجزائر وتونس والمغرب،بعد الممارسات المشينة للتيارات السلفية حيث بدأت تنشط الحركات التبشيرية للإنجيليين البروتستانت القريبين من المحافظين الجدد. وقد نجح هؤلاء في إحداث تحولات في العديد من القرى والأرياف”.
وللسؤال وجه آخر في شق إيجابي يطرح صورة مغايرة، في ظل التقدم الكبير الذي يحققه الجيش السوري العربي باستعادة المدن من قبضة المسلحين المأجورين، وبحال تم النصر لمحور المقاومة والممانعة في سوريا وفتحت جبهة الجولان للمقاومة، برأيكم أي تغيرات ثقافية واجتماعية كبرى يمكن أن تتحقق في المجتمع العربي وهل نأمل أن تفكك الحدود الجغرافية التي رسمتها خطة سايكس بيكو التآمرية بحال فعلا تمّ الدخول إلى فلسطين المحتلة ؟!! .. هل يحق لنا أن نتفاءل إلى هذا الحد؟!.. هذا ما سنجيب عنه في تحقيق جديد.
المنار
وهذا يعني أيضاً، والكلام للدكتور نور الدين “سيادة مشيخات العهد الصيهوني (المملكة السعودية ، المملكة الهاشمية، المملكة الحمدية، المملكة المرسية … الخ) في بلاد ما بعد ” إسرائيل الكبرى” وضياع الهوية العربية وامحاؤها”. والأخطر من هذا كله، يتابع نور الدين هو “اختفاء التفاعل الحضاري والثقافي والإنساني الفريد من نوعه في العالم، واختفاء منهج العيش الواحد بين البشر، وانتشار الفقه التكفيري الذي يلغي الآخر ويحكم بإعدامه أو أكل قلبه وكبده أو قطع رأسه، أو تقطيع جسده، أو شوي رأسه وأطرافه، أو أكله نيئاً او مشوياً أو مقلياً .. وتبخر الإسلام والمسيحية، والعودة بالإنسان إلى ما قبل عصر الكهوف”.
سيفرغ الإسلام من مضمونه الفكري والإنساني وبالتالي إبعاده عن الحياة :
وفي السياق نفسه يرى الباحث التاريخي الدكتور حسن جابر أن الخسارة الثقافية والحضارية في حال سقوط سوريا وانتقالها إلى المحور الأميركي – الإسرائيلي سيكون مضاعفاً ؛ لإعتبارين اثنين :
١ – الخسارة الواقعة، راهنآ، جراء التشوهات التي يحدثها كل يوم ما يعرف بالتيار السلفي الممول من أنظمة حكم تمارس أدوارآ مريبة، أقل ما يقال عنها أنها تتعمد تقديم مشهد منفر عن الإسلام تزيد من ترسيخ الصورة النمطية التي سعى الغرب جاهدآ لتعميمها .
فالإسلام الذي يقدمه لنا القرآن الكريم على أنه دين الفطرة الإنسانية “ذلك الدين القيم ” والذي يرشد إلى قيم : العدل، والحرية، والكرامة وتكافؤ الفرص …. والذي جعل رفع الإصر والأغلال، مقصدا وطريقا لا بد منه لممارسة الإستخلاف في الأرض وعمارتها لإستحالة تفجير الطاقات الكامنة في الإنسان خارج مناخ الحرية. إذ لا إبداع مع القهر بل لا إنسانية دون إرادة حرة. فالسلفية التي تنظر إلى الحقيقة على أنها أمر متنجز وليست صيرورة وعي متفتح، هي في الواقع المكافئ الموضوعي للجمود. ويتابع الدكتور جابر أنه “لقد أفرغ هؤلاء السلفيون الإسلام من مضمونه الإيماني حين حولوه إلى هوية جوفاء تؤثر الشكل على المضمون والعنوان على التقوى وراحوا يبحثون على آحاد الأحاديث وتركوا صريح القرآن ” ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين”. فالقرآن هو كتاب كشف عن المتقين من خلال الإبتلاء ” ليبلوكم أيكم أحسن عمل”.
ويصل جابر إلى استنتاج يؤكد فيه ” إذاً، ثمة تشويه فاضح للدين يرتقي إلى مستوى الكارثة، وسقوط سوريا بيد هؤلاء وأسيادهم سيقضي على أي محاولة للتصحيح. ما نخشاه أن يمهد هؤلاء لبروز ظواهر قد تفاجئنا في المستقبل القريب يشرع فيها الناس بالتساؤل عن صلاحية هذا الدين كما يحدث اليوم في الجزائر وتونس والمغرب،بعد الممارسات المشينة للتيارات السلفية حيث بدأت تنشط الحركات التبشيرية للإنجيليين البروتستانت القريبين من المحافظين الجدد. وقد نجح هؤلاء في إحداث تحولات في العديد من القرى والأرياف”.
وللسؤال وجه آخر في شق إيجابي يطرح صورة مغايرة، في ظل التقدم الكبير الذي يحققه الجيش السوري العربي باستعادة المدن من قبضة المسلحين المأجورين، وبحال تم النصر لمحور المقاومة والممانعة في سوريا وفتحت جبهة الجولان للمقاومة، برأيكم أي تغيرات ثقافية واجتماعية كبرى يمكن أن تتحقق في المجتمع العربي وهل نأمل أن تفكك الحدود الجغرافية التي رسمتها خطة سايكس بيكو التآمرية بحال فعلا تمّ الدخول إلى فلسطين المحتلة ؟!! .. هل يحق لنا أن نتفاءل إلى هذا الحد؟!.. هذا ما سنجيب عنه في تحقيق جديد.
المنار