عرعور فلسطين بعد القرضاوي ومرسي.. "سوريا أولاً"!؟
هل كل هذا التناغم بين «رموز» وشيوخ الحركات الاسلامية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين حول ما يجري في المنطقة وسوريا على وجه الخصوص.. مجرد صدفة؟ وهل هذه الحماسة (غير المعهودة) لجلب الحرية والديمقراطية للشعب السوري واطاحة «الديكتاتور» بشار الاسد، جاءت من فراغ وبخاصة بعد وصول «الاخوان» الى الحكم في اكثر من بلد عربي؟
اللافت في كل ما يجري هو دخول حركة حماس على الخط في توقيتات ومحطات معينة تلحظ في الان ذاته «بارومتر» الازمة السورية صعوداً او هبوطاً، بعد عمليات التحشيد والشحن الغرائزي والمذهبي، التي يقوم بها شيوخ الجماعة ومن والاهم من الحركات الجهادية والتكفيرية التي لا ترى في «المسلمين» إلاّ مشاريع كفار ومرتدّين، عليهم ان يثبتوا «صحيح» اسلامهم، بالانضمام الى فكر هذه الجماعات والتسبيح بحمدهم والاعتراف بطهرانيتهم وإلاّ فإن الفتاوى بقتلهم وسحلهم وصلبهم..جاهزة.
اللافت في كل ما يجري هو دخول حركة حماس على الخط في توقيتات ومحطات معينة تلحظ في الان ذاته «بارومتر» الازمة السورية صعوداً او هبوطاً، بعد عمليات التحشيد والشحن الغرائزي والمذهبي، التي يقوم بها شيوخ الجماعة ومن والاهم من الحركات الجهادية والتكفيرية التي لا ترى في «المسلمين» إلاّ مشاريع كفار ومرتدّين، عليهم ان يثبتوا «صحيح» اسلامهم، بالانضمام الى فكر هذه الجماعات والتسبيح بحمدهم والاعتراف بطهرانيتهم وإلاّ فإن الفتاوى بقتلهم وسحلهم وصلبهم..جاهزة.
إذ بعد مهرجان «الجهاد» الذي ترأسه فخامة الرئيس المؤمن محمد مرسي ودعا فيه الى الجهاد في سوريا قاطعاً العلاقات الدبلوماسية معها مهدداً حزب الله بالويل والثبور وعظائم الأمور، وكان سبقه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، ومن القاهرة ذاتها وامام مؤتمر نظّمه حزب سلفي مصري، داعياً الى الجهاد في سوريا مكفراً كل من لم يكن من اهل السنة والجماعة، حتى لو نطق بالشهادتين والتزم اركان الاسلام الخمسة التزاماً كاملاً.
الشيخ القرضاوي، بما هو نجم اعلامي بارز، يتعاطى السياسة من اوسع ابوابها وإذا ما ردّ عليه احد من هذا الباب تحديداً، يطلق مريدوه قذائفهم وسبابهم وشتائمهم عليه خالعين ثوب القداسة والعصمة على رجل يخطئ ويصيب (وهو قد اقترب من الاعتزال او العزل على ما يشاع، ليحل محله على رأس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ التونسي راشد الغنوشي).
القرضاوي على ما يعرف الجميع، رأى ما يجري في سوريا حربا «على المسلمين» يشنها الشيعة والفرس، وواظب على شيطنة كل من كان له رأي اخر، لكنه -وهنا يجدر بمن ما يزال يظن ان الرجل لا يتعاطى السياسة- ما جرى ويجري حتى الآن في تركيا -حيث نموذجهم المعتدل اردوغان- .. مؤامرة خارجية!
مَن يستطيع اذاً اقناعنا بان دخول الدكتور الشيخ عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، والذي تعرض لتنكيل بشع واذلال
وقمع غير مسبوق من سلطات الاحتلال الاسرائيلي.. على خط الازمة السورية جاء صدفة محضة، وفي هذا التوقيت ايضا، الذي تُواصل فيه حركة حماس اظهار المزيد من حماستها للشعب السوري، متزامناً (او ربما تغطية) مع ما كشفته الوقائع الميدانية السورية المتمادية، عن مشاركة حماس الى جانب المتمردين، تدريباً ودعماً لوجستياً سواء في زراعة الافخاخ الملغمة ام في نقل العتاد والاسلحة؟.
الشيخ الدويك لا يخرج عن السياق ذاته، وهو ربما يكون اكثر اصحاب الفتاوى وضوحاً في شأن ما يجري في سوريا، حيث اعتبر في حديث لصحيفة الشروق الجزائرية يوم امس، ان دعم المعارضة السورية للاطاحة بنظام الديكتاتور بشار الاسد باتت اولوية مستعجلة (..) تتقدم على أي انشغال آخر بما في ذلك.. الجهاد في فلسطين!!.. بل إن هذا المجاهد الوقور يمضي قدماً ليقول ان زوال الديكتاتور السوري هو بداية الطريق لانتصار القضية الفلسطينية ورفعة شأنها.
إذا وقعتم في حبائل الدهشة او اصابتكم صدمة، فلتعودوا الى موقع الصحيفة الجزائرية لتروا ان هذا الذي كان يهتف واخوانه و»جماعاته» في شوارع المدن الفلسطينية والعربية، ان اميركا هي رأس الحية وان الغرب الاستعماري، هو الذي اسقط دولة الخلافة (العثمانية) وهو الذي قسّم بلاد العرب ومنح اليهود وعد بلفور، وسهّل احتلالهم لفلسطين، ويُذَكّر اليهود على الدوام بـ «خيبر» التي ستتجدد على يد جيش محمد العائد يقول كما قال شيخه القرضاوي عندما ناشد «ماما» اميركا التدخل لوجه الله من اجل اسقاط النظام السوري..
«.. تلتقي البشرية جمعاء، للدفاع عن حقوق الانسان، ومن ثمّ اي جهد للدفاع عن حقوق الانسان هو جهد مرحّب به» هكذا اجاب فضيلة الدكتور على سؤال حول التدخل الغربي في سوريا.
لن نزايد على الدكتور الدويك ولن نلقي عليه المواعظ، لكن أليس من حقنا ان نسأله عما اذا كان الانسان الفلسطيني صاحب حق ام لا؟ وبالتالي لماذا لا تلتقي عند حقوقه هذه البشرية، التي وصفتها بالجمعاء؟ وهي لكرمها هبّت لنصرة الشعب السوري فقط؟
كذلك، اذا كنتم في حركة حماس وجماعات الاخوان المسلمين تعيبون على ياسر عرفات انه كان دائم التدخل في الشؤون العربية وهو ما جلب النقمة على الشعب الفلسطيني، واستعدى قطاعات معينة من الشعوب العربية على حركة التحرر الوطني الفلسطيني، فلماذا تزجون بالقضية الفلسطينية في الصراعات العربية المندلعة الآن في اكثر من قطر عربي؟ أم يا تُرى لأن الاخوان المسلمين هم الذين يديرون الفتنة ويشعلون الحرائق في سوريا.. وغير سوريا؟! ولهذا انخرطتم في جوقة واحدة مع الاقل كفراً كالنصارى واليهود لصد الهجمة الشيعية.. وبعدها تنطلقون من الجولان (كما انطلقتم من قندهار وتورا بورا).. لاستعادة فلسطين..
"الرأي"